بعد مرور أكثر من 60 يوما علی طوفان الأقصی، نحن في الأيام الأخيرة من الأسبوع الرابع للمعركة البرية الصهيونية في قطاع غزة. إن الهجوم البري الذي بدأ بعد 20 يوما من القصف الغريب وغير المسبوق والمجنون للصهاينة علی قطاع غزة، ورغم هجمات المقاتلين الواسعة، لم يحقق بعد أهدافه المحددة.
هل الشمال تحت سيطرة الصهاينة؟
وقبل أسبوعين تقريباً من وقف إطلاق النار المؤقت، كان الصهاينة قد أعلنوا عن إنشاء أرض شامان في المنطقة الشمالية. ونجحوا في هجماتهم في إحراز تقدم في بعض المناطق الساحلية والجنوبية من غزة غير المأهولة، لكنهم واجهوا عقبات خطيرة للغاية في اختراق المناطق المأهولة مثل بيت لاهيا ومدينة غزة نفسها.
وعلی الرغم من التقدم، لم تكن المناطق الساحلية والجنوبية تحت سيطرة الصهاينة أبدًا. ومع انتهاء وقف إطلاق النار المؤقت بعد ستة أيام، شهدنا عمليات مختلفة لقوات القسام ضد الصهاينة من أقصی شمال غزة إلی مناطق جنوب غزة مثل جهرالديك.
وحتی وسائل الإعلام والمحللين الصهيونيين المختلفين اعترفوا مرات عديدة أن الجيش لم يصل إلی أهدافه في الشمال ولا توجد أخبار عن سيطرته علی شمال غزة.
وكتبت صحيفة يديعوت أحرانوت الناطقة بالعبرية في تقرير لها: "لم يتمكن الجيش من هزيمة حماس في مدينة غزة ومحيطها خلال 60 يوما من الحرب، لذلك لن يتمكن من تطهير خان يونس في فترة زمنية أقصر، و هذه القضية ستضع هذا النظام تحت ضغط أكبر بكثير".
وقال لابيد، رئيس حكومة المعارضة في الكنيست، في تصريحاته بشأن الإخفاقات: إن "أجهزة الأمن الإسرائيلية والمجتمع الصهيوني فقدوا ثقتهم في نتنياهو وعليه أن يستقيل الآن".
لكن أوضح اعتراف يمكن سماعه من المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، الذي صرح في مقابلته مع قناة سي إن إن الأمريكية: "مازلنا غير قادرين علی هزيمة حماس في شمال غزة، والعمليات في هذه المنطقة و الوضع علی الأرض صعب ومعقد للغاية".
لماذا الجنوب؟
وبحسب كثيرين، فإن مركز قوة حماس العسكرية والقسام في خانيونس (جنوب غزة) هو مسقط رأس محمد زائف ويحيی السنوار. وفي حرب غزة الأخيرة، تكبد الصهاينة أكبر عدد من الضحايا في خانيونس، ووصفوا هذه المدينة وموقعها بأنه مختلف تمامًا وأكثر خطورة من الشمال.
تجدر الإشارة إلی أنه بسبب عدم التأثير علی القدرة العملياتية لحماس في الشمال وزيادة الخسائر البشرية، حول الصهاينة تركيزهم إلی الجنوب منذ الجولة الجديدة من الحرب ويحاولون التسلل إلی مناطق مثل خانيونس. . وإذا وصلوا إلی خانيونس، فمن المحتمل أن يتمكنوا من تقديم تقرير عن ضربات خطيرة ورائعة للمجتمع الصهيوني فيما يتعلق بإضعاف القسام وحماس. ما يحتاجه نتنياهو الآن هو أن يعرض الإنجاز علی المجتمع الصهيوني بعد 60 يوما من الحرب.
يواصل النظام الصهيوني حرباً غير مسبوقة في تاريخه المزيف، سواء من حيث استخدام القوة البشرية أو عدد الحقول التي يقاتل فيها؛ أي من الشمال إلی مضيق باب المندب. لذلك لا بد أن يكون لدی نتنياهو إجابات مقنعة عن هذه الحرب وتكاليفها بالنسبة للمجتمع الصهيوني.
خاتمة
ويبدو أن النظام الصهيوني يسعی لتحقيق عدة أهداف من خلال تغيير الميدان من الشمال إلی الجنوب. أولاً، التغلب علی جمود التقدم في الشمال وتركيز وسائل الإعلام علی التقدم في الجنوب. ثانياً، الوصول إلی خانيونس كإحدی المدن المهمة لحماس والقسام، ويمكن النظر إلی الهدف الأخير والثالث علی أنه استراتيجية انهيار اجتماعي. ويحاول الصهاينة استسلام أهل غزة وحماس بسبب الضغوط الاجتماعية والكارثة الإنسانية من خلال زيادة الأضرار والتفجيرات ورفع تكلفة المقاومة الشعبية في الجنوب ومواصلة الحرب 60 يوما أخری. لكن السؤال هو: هل لدی النظام الصهيوني القدرة علی مواصلة الحرب لمدة شهرين؟
محسن الفايضي؛ خبير في قضايا غرب آسيا