بدأ العالم يستعد لعودة محتملة للرئيس السابق دونالد ترامب إلی سدة الرئاسة الأمريكية من جديد، وعادت بعض الأنظمة للرهان عليه من جديد، ويبدو أن هذا هو رهان بيت الحكم في البحرين، رهان أحمق آخر.
علی مدی أيام يلحظ البحرينيون ازدياد وتيرة عنف السلطة وتشددها الأمني مع الطائفة الشيعية من جديد.
عادت السلطة لتكمل المسلسل الطويل من الانتهاكات والاستهداف للمعارضة في البحرين ولكل بيئتها الحاضنة، استأنفت ما كانت تفعله كل مؤسسات الدولة خصوصا الأمنية والعسكرية منذ العام 2011 حتی الآن.
ابتدأت السلطة بالسجناء الذين قطعت عليهم الكهرباء وماء الشرب منذ يوم التاسع من محرم، وتجويعهم عبر تقليل الوجبات ومنعها أحيانا، وهكذا أصبح السجناء يعيشون في فرن حقيقي مترافقا مع ألم الجوع، وصولا إلی اضطرارهم لشرب الماء من حمامات السجن.
وبعدها استهدفت المواطنين المتظاهرين سلميا من أجل ظلامة السجناء السياسيين، وأطلقت الرصاص المطاطي والغاز المسيل للدموع بشكل مباشر علی رؤوس وأجساد المتظاهرين، وهو ما أدی لإصابة الفتی حسن بدّاو في رأسه، ووضعه الصحي ما يزال صعبا بعد أن أجريت له عمليتان جراحيتان.
استدعاءات بالجملة لعلماء دين وخطباء ورواديد، واعتقال الخطيب الشيخ عيسی القفاص، والرادود صالح سهوان.
لا يوجد تفسير لتشدد النظام، سوی ما يقوله مراقبون من أن رهان آل خليفة وهي العائلة الحاكمة في البحرين هو رهان خارجي لا محلّي، وهي كبعض الأنظمة الخليجية تراهن علی عودة الرئيس الأمريكي السابق للحكم. ظنا ووهما منها أن ترامب سوف يحسم القضايا الإقليمية بالقوة لصالحهم.
يعتقد الواهمون من بيت الحكم أن الأحداث ستأخذ منحی جديدا مع عودة ترامب، وأن الساكن الجديد في البيت الأبيض لن يتوانی عن ضرب المفاعلات النووية الإيرانية، وأنه سوف يحسم الوضع في اليمن لصالحهم، وأنه سوف يتدخل للقضاء علی حماس.
وخلال فترته الأولی، سعی ترامب لإنشاء تكتل خليجي في وجه إيران من وجهة نظره، بعد الانسحاب من الاتفاق النووي مع إيران من جانب واحد.
ثم عمله علی تطبيع العلاقات السياسية والاقتصادية مع دولة الاحتلال بشكل غير مسبوق، والاعتراف بالقدس المحتلة عاصمة لـ"إسرائيل"، ثم الاعتراف الرسمي الأمريكي بالجولان السوري المحتل جزءا من كيان الاحتلال الاسرائيلي .
لم يتعظ الواهمون في سلطات المنامة من خسائرهم الاقتصادية والديون التي أصبحت تطوق عنق البلاد، ولم يتخلوا عن مغامراتهم الفاشلة مثلما فعلوا في مشاركتهم في حصار قطر، وهو ما عاد علی البحرين بالخسائر .
عودة ترامب لن تجعل شعب البحرين يغير رأيه، أو يتخلی عن ملف السجناء، أو ينسی مطالبه المحقة، حدث هذا سابقا وهو ما سوف يستمر سوءا عاد ترامب أم لا.
من يراهن علی عودة ترامب هو رئيس الوزراء الصهيوني نتنياهو ومن يحالفه من دول المنطقة، هم أنفسهم من يراهنون علی مزيد من الحروب ومن الدمار في المنطقة.
ربما علی المراهنين في بيت الحكم في البحرين أن يقللوا من تفاؤلهم فلا تزال هناك نحو أربعة أشهر علی الانتخابات الأمريكية.
علی بيت الحكم أن يتصرف وفق ما تمليه مصالح البحرين الحقيقية سياسيا واقتصاديا وأمنيا، وأن يركز علی الخطط التنموية في البلاد -إن وجدت- فمثل هذه الأوهام والمراهنات لم تحصد منها البلاد سوی تعقيد الأزمة الداخلية وتراكمها في شكل أزمات متشعبة، وفشل الاقتصاد وتضخّم الدين العام، وتغوّل تأثير عدد من الدول الخليجية في القرار البحريني.
المصدر: مرآة البحرين