ما أسباب رغبة البحرين في إحياء العلاقات مع إيران؟

اعتبر الخبير الايراني في قضايا غرب آسيا السيد رضي عمادي، ان تأكيد ملك البحرين علی ضرورة إحياء العلاقات مع إيران تشير إلی فشل سياسة امريكا لعزل الجمهورية الإسلامية الإيرانية وخلق الفجوة بين إيران والدول العربية.
ما أسباب رغبة البحرين في إحياء العلاقات مع إيران؟

القسم الدولي: انه أكد الشيخ حمد بن عيسی آل خليفة ملك البحرين خلال لقائه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في موسكو: "علی تطبيع العلاقات مع إيران". وأضاف: "كانت لدينا مشاكل مع هذا البلد في الماضي، لكن الآن لا توجد مشاكل عملياً ولا نری أي سبب لتأخير تطبيع العلاقات مع إيران". يجيب هذا المقال بإيجاز علی هذا السؤال: لماذا طلب ملك البحرين رسميًا بإعادة العلاقات مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية؟

البحرين دولة صغيرة في منطقة الخليج الفارسي، تبلغ مساحتها 786 كيلومترًا مربعًا فقط، ويبلغ عدد سكانها أقل من 1.5 مليون نسمة، نصفهم من الأجانب. حوالي 60% من سكان البحرين هم من الشيعة. إن الجغرافيا السياسية للبحرين مهمة لأنها تجاور المملكة العربية السعودية وإيران كقوتين إقليميتين مهمتين وهي مركز الأسطول البحري الأمريكي الخامس، وهو أكبر قاعدة بحرية أمريكية خارج هذا البلد. ولذلك فإن الأسباب الثلاثة لأهمية البحرين هي أغلبية السكان الشيعة، والجوار مع إيران والمملكة العربية السعودية، واستضافة الأسطول البحري الأمريكي الخامس.

العلاقات بين إيران والبحرين؛ تخضع لسياسة قوتين اخرتين

البحرين هي أصغر دولة عضو في مجلس التعاون الخليج الفارسي، وسياستها الخارجية في الأساس تابعة لسياسات المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأمريكية. وقطعت العلاقات بين البحرين والجمهورية الإسلامية الإيرانية في عام 2016. وبعد أن قطعت السعودية علاقاتها مع جمهورية إيران الإسلامية في يناير/كانون الثاني 2016، أعلنت البحرين أيضًا أنها ستقطع علاقاتها الدبلوماسية مع جمهورية إيران الإسلامية بعد يوم واحد فقط من قرار الرياض.

علاوة علی ذلك، فإن تزايد التوتر بين إيران والسعودية، وكذلك بين إيران والولايات المتحدة، كان له تأثير سلبي علی العلاقات بين طهران والمنامة ووسع الفجوة بين البلدين. ومن أسباب تأثر العلاقات الإيرانية البحرينية بسياسات الدول الأخری تجاه إيران هو أن حجم العلاقات التجارية بين المنامة وطهران عند مستوی صغير. وبحسب تقرير مركز أبحاث غرفة إيران، فإن صادرات إيران إلی البحرين في الأعوام من2017 إلی 2021 تعادل 11.7 و12.1 و9.9 و8.4 و9.7 مليون دولار علی التوالي، ولم تمثل هذه الدولة في عام 2021 سوی 0.02 بالمئة من صادرات إيران، وفي هذا الصدد، احتلت المرتبة 68 بين شركاء إيران التجاريين. وفي مجا ال الواردات، استحوذت هذه الدولة علی 0.002% فقط من واردات إيران وتحتل المرتبة 90.

لماذا تريد البحرين إعادة العلاقات مع إيران؟

ويمكننا ذكر ثلاثة عوامل حول سبب رغبة البحرين علناً في إعادة العلاقات مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية، وهي:

1- إحياء العلاقات بين إيران والسعودية

بعد استعادة علاقات المملكة العربية السعودية مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية في مارس 2023 تمت مناقشة إعادة علاقات البحرين مع إيران أيضًا في مارس 2023، بعد أيام قليلة من عودة العلاقات بين الرياض وطهران، التقی أحمد بن سلمان المسلم، رئيس مجلس النواب البحريني، أيضًا بوفد برلماني من الجمهورية الإسلامية علی هامش الدورة 146 لمجلس النواب. وكان الاتحاد البرلماني الدولي قد أعلن في المنامة عن بدء المفاوضات بين طهران والمنامة من أجل استئناف رحلات طائرات الركاب بين البلدين.

ومع استمرار عملية تحسين العلاقات بين إيران والسعودية وتقارب البلدين، زاد إصرار البحرين علی إحياء العلاقات مع إيران. وفي هذا الصدد، وبينما لا تقيم البحرين علاقات دبلوماسية رسمية مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية، فقد أرسلت وزير خارجيتها إلی طهران لتكريم الرئيس الإيراني ووزير الخارجية الشهيد. وزار وزير خارجية البحرين عبد اللطيف بن راشد الزياني طهران يوم الخميس الماضي في مراسم تكريم الرئيس الشهيد السيد إبراهيم رئيسي والشهيد حسين أميرعبد اللهيان وزير خارجية الجمهورية الإسلامية الإيرانية. في غضون ذلك، أكد ملك البحرين الشيخ حمد بن عيسی آل خليفة، علی ضرورة إحياء العلاقات بين المنامة وطهران، وذلك في لقائه مع فلاديمير بوتين.

2- الجهود الدبلوماسية للشهيد إبراهيم رئيسي والشهيد حسين أميرعبد اللهيان

كانت أهم استراتيجية في السياسة الخارجية للحكومة الثالثة عشرة برئاسة الشهيد رئيسي هي تطوير العلاقات مع الدول المجاورة والإسلامية والمتحالفة. ومع مرور الوقت، لاقت هذه السياسة قبولاً لدی الدول الأخری لأنها لم تبقی علی مستوی الكلمات فحسب، بل اكتسبت جانباً تنفيذياً أيضاً. وتشير هذه المسألة إلی 28 رحلة إلی 23 دولة خلال 34 شهرا من رئاسة السيد إبراهيم رئيسي، والتي كانت رحلات هادفة لتنفيذ سياسة تطوير العلاقات. في الواقع، توصلت دول، بما في ذلك دول مثل السعودية والبحرين، إلی أن الإدارة الثالثة عشرة لديها نوايا حسنة لتحسين العلاقات وتتصرف بصدق وتتجنب المواقف المتسرعة. ولهذا السبب تراجعت حدة التوتر في العلاقات الثنائية مع دول الجوار، بما فيها البحرين، والآن يؤكد ملك البحرين أنه لا يوجد سبب لتأخير تطبيع العلاقات مع إيران.

3- تراجع النفوذ الأمريكي في غرب آسيا

أما العامل الثالث المؤثر في هذا المجال فهو تراجع النفوذ الأمريكي في غرب آسيا. ومع تنصيب جو بايدن في أميركا، من جهة، توترت علاقات البلاد مع السعودية، ومن جهة أخری، ركزت واشنطن أكثر علی شرق آسيا. وفي الوقت نفسه، يبدو أن أمريكا لا تريد المزيد من الفوضی وانعدام الأمن في غرب آسيا، وليس لديها أي اعتراض علی تحسين العلاقات بين دول المنطقة، بما في ذلك مع جمهورية إيران الإسلامية. أحد أسباب هذه المسألة هو أن الولايات المتحدة لم يعد لديها المكانة التي كانت عليها في العقود الماضية، كما تراجعت قدرتها علی ممارسة الضغط علی الدول الأخری، بما في ذلك دول غرب آسيا. إن رفض السعودية الانصياع للسياسة الأمريكية فيما يتعلق بالحرب الأوكرانية، ومعارضتها زيادة إنتاجها النفطي، من بين الأدلة علی تراجع النفوذ الأمريكي في غرب آسيا. والآن، تحاول البحرين إعادة العلاقات مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية بمزيد من الجهد.

ملخص

إن تأكيد ملك البحرين علی ضرورة إحياء العلاقات مع إيران يدل قبل كل شيء علی فشل سياسة امريكا لعزل الجمهورية الإسلامية الإيرانية وخلق الفجوة بين إيران والدول العربية. كما أدی تراجع النفوذ الأمريكي في غرب آسيا إلی حصول الدول العربية علی مزيد من الاستقلال في سياستها الخارجية اليوم. ورغم أن السيد إبراهيم رئيسي، رئيس الحكومة الثالثة عشرة، وحسين أمير عبد اللهيان، وزير خارجية هذه الحكومة، لم يحضرا الساحة السياسية واستشهدا، إلا أن حكومة الدول الإسلامية لا تزال تسعی إلی تطوير العلاقات مع جمهورية إيران الاسلامية، وهي القضية التي ناقشها سماحة قائد الثورة أيضاً في اللقاء مع المسؤولين من مختلف الدول الذين جاءوا إلی طهران للمشاركة في مراسم تأبين شهداء الخدمة. كما انه ترحب الجمهورية الإسلامية الإيرانية بإعادة العلاقات مع البحرين باعتبارها دولة مجاورة، بل وتدعو إلی توسيع العلاقات الاقتصادية في نفس الوقت الی جانب العلاقات السياسية.