الموت يكتب آخر فصول (مؤرخ عبدالقيس والدولة العيونية)

الموت يكتب آخر فصول (مؤرخ عبدالقيس والدولة العيونية)

الرجل الذي اهتم بتتبع جذور التشيع في إقليم البحرين، وشرح (ابن المقرب العيوني) بما حملته أبياته من تاريخ وجغرافيا وحوادث في الإقليم، رحل دون تكريم.

المؤرخ والباحث عبدالخالق الجنبي، استسلم الثلاثاء (16 يناير 2024) للنزيف الدماغي الذي تعرض له قبل أيام معدودة، وتوفي في إحدی غرف الإنعاش بمستشفی الملك فهد التخصصي في الدمام، عن عمر ناهز 59 عاما.

(التأريخ) خسر مميزا أثری المكتبة بإصداراته، وأسس للكثير من الحقائق التاريخية التي تكاد تضيع في منطقة تعصف السياسة فيها بكل شيء، وتلعب الصراعات الطائفية فيها علی كل وتر.

لقد كتب الجنبي عن (تاريخ التشيع لأهل البيت في إقليم البحرين القديم) وانتدی؛ ورد مُحَقِقًا ومُحِقًا علی اتجاهات كان يروق لها العبث بالتاريخ والجغرافيا خدمةً لأغراض السلطان مرة، وشيوخه مرة أخری.

الشاعر الجنبي شرح في أجزاءٍ ستة ديوان الشاعر علي ابن المقرب العيوني المتوفی سنة (630هـ)، والذي يرجع بنسبه إلی العيونيين من عبد القيس، الذين حكموا الأحساء وأوال.

وعرف ابن المقرب بشاعر الدولة العيونية، ويعتبر ديوانه والشروحات التي أرفقت به من أهم المصادر حول تاريخ تلك الدولة.

وحصل الجنبي علی نسخة نادرة لديوان ابن المقرب العيوني كانت مودعة في العتبة الرضوية، وهي النسخة التي اعتمدها إلی جانب نسخ تاريخية في شرح الديوان.

ولأنه اهتم بتاريخ قبيلة عبدالقيس التي استوطنت البحرين من البصرة حتی عمان، أفرد الجنبي كتابا كاملا في شرح قصيدة الحسين بن ثابت القطيفي (550 هـ)، وهي قصيدة دوّن فيها بطون وأفخاذ من قبيلة عبد القيس لم يكن لها الكثير من التراجم.

كما حقق الجنبي (المنظومة الهجرية) التي نظمها الملا عطية الجمري أثناء رحلة قام بها إلی الأحساء، ودوّن فيها الكثير عن عوائلها، علمائها، قُراها وعيونها في رجزٍ بديع، وتصدی المؤرخ الراحل لترجمة وتوضيح ما ورد في المنظومة.

 وللراحل الجنبي إصدارات أخری وبحوث تاريخية اهتمت بشرق الجزيرة العربية، وأوراق علمية وكتابات صحافية ناقش من خلالها قضايا تراثية وتاريخية مهمة.

وطغی خبر رحيله علی الأوساط الثقافية في السعودية والبحرين، وعبّرت الكثير من المؤسسات والهيئات الاجتماعية والثقافية عن حزنها لنبأ رحيله.

المحقق أحمد علي الحلي النجفي كتب ينعی الجنبي قائلا «لقد حفظ تاريخ البحرين والقطيف والأحساء، ونسج أوراقه من تأريخها وحفظ أسماء الرجال والملوك والكتب والأسفار والأشعار».

وولد الجنبي في العام 1964 لعائلة من 4 أفراد في القديح في القطيف شرق السعودية. ولم يتمكن الجنبي من استكمال دراساته الجامعية بعد فصله من جامعة الملك عبدالعزيز نتيجة اهتماماته التاريخية وآرائه، قبل أن يتم اعتقاله بتهم سياسية مطلع تسعينيات القرن الماضي.

ولم يكن ذلك آخر اعتقال، حيث اعتقلته السلطات السعودية بتهم إثارة النعرات الطائفية آخرها اعتقالها 15 يوما العام 2021.

وقال موقع صبرة الإلكتروني إن حفلا لتكريم الجنبي كان يتم الإعداد له قبل أن يتم إدخاله للمستشفی قبل أشهر للعلاج من أورام في القولون، وبالتأكيد كان ذلك حفلا أهليا لا رسميا سعوديا.

المصدر: مرآة البحرين