مشروع الحي اليهودي هو احتلال للمنامة وتغيير هويتها الثقافية وتحطيم صورتها الشيعية

احتلال المنامة وتغيير هويتها الثقافية وتحطيم صورتها الشيعية هي أهم الأهداف المرحلية لمشروع الحي اليهودي الذي تم الكشف عنه قبل عدة أشهر وعاد الحديث عنه قبيل بدء احتفالات ما يسمی عيد الحانوكا اليهودي.
مشروع الحي اليهودي هو احتلال للمنامة وتغيير هويتها الثقافية وتحطيم صورتها الشيعية

وكتب الباحث البحريني، عباس مرشد، في الإعلان الصحفي يتحدث ابراهيم نونو بصفته ما يسمی الناطق الرسمي باسم الجالية اليهودية في الخليج "الفارسي" لكنه يتحدث أيضا بوصفه رجل كيان الاحتلال الإسرائيلي في المنطقة ومهندس مشاريعها في المنامة أو لنقل يجب أن ننظر إليه بهذه الصفة لا غير.

 

لست في وارد سرد تفاصيل تلك العلاقة قبيل توقيع اتفاق الذل المسمی باتفاقيات إبراهام للتطبيع، فما يفعله الرجل من أجل كيان الاحتلال الإسرائيلي أكبر من دور الوسيط التجاري أو الوسيط الديني، إلا أن الخبر الذي نشرته صحيفة البلاد علی لسانه يؤكد هذا الدور والعلاقة بينه وبين "إسرائيل" وأنه يمثل واجهة الكيان المؤقت في البحرين.

 

إذ جرت العادة أن لا تباشر السفارات "الإسرائيلية" مشاريعها في المناطق إلا من خلال وجوه ورجال توكل إليهم تلك المهام لتنفيذها بإشراف رسمي من السفارة أو ما تسمی الجهة الرسمية الإسرائيلية.

 

يتحدر ابراهيم نونو من عائلة يهودية من أصول عراقية استوطنت البحرين بداية القرن العشرين واشغلت في التجارة، وقتها كانت أعداد اليهود في البحرين تتكاثر بسرعة مذهلة فارتفعت أعدادهم من بضعة أفراد إلی عدة مئات في أقل من عقد واحد وهذا ما يثير السؤال عن سبب تلك الهجرة والأهداف التي تتوخاها الجماعات المهاجرة ومن الذي يقف وراءهم وكيف تعامل الحاكم والعائلة الحاكمة مع الموضوع.

 

بعض من أولئك اليهود جاء من اليمن في رحلة الاستيطان في فلسطين وبعضهم جاء من العراق وإيران هربا من سلطات العثمانيين. تدفق الهجرة اليهودية إلی البحرين دفع بأحد اليهود الروس أن يعرض علی الاحتلال البريطاني فكرة احتلال البحرين والإحساء وتوفير جيش قوامه 100 ألف يهودي لتنفيذ هذا الغرض. تصادفت تلك الفكرة مع تنفيذ وعد بلفور واحتلال آل سعود للإحساء وهي المعلومات التي لم يتوفر عليها اليهودي الروسي وقتها لكن السفارة الفرنسية أبلغته بذلك وتقرر أن تكون أرض فلسطين وطنا جديدا لليهود.

 

وخلال العشر السنوات اللاحقة لوعد بلفور تزايدت أعداد اليهود في البحرين برعاية بريطانية لتسهيل توطنيهم في فلسطين. بدوره منح الحاكم وقتها حمد بن عيسی بعض اليهود مكانة سياسية وتم تعيين ممثل يهودي في مجلس بلدية المنامة وتسهيل وجودهم وإعطاء الكثير منهم حق الجنسية البحرينية وفق قانون الجنسية الصادر في 1937 وبذلك حول الحاكم المهاجرين اليهود إلی مواطنين في أول عملية تجنيس برعاية بريطانية.

 

في 1946 بلغ عدد اليهود في البحرين حوالي 700 يهودي وفق الإحصاء الأول الذي أجراه بلجريف.

سريعا تكشفت خطة الهجرة اليهودية إلی البحرين وتبين أن البحرين لم تكن سوی محطة أولية لإتمام رحلة الشتات اليهودي وصولا إلی أرض فلسطين ونظرا لقيام الحرب العالمية الثانية أصبحت الهجرة تعاني مأزقا فعليا فاليهود الذين جلبوا إلی البحرين استهوتهم الحياة في أرض البحرين وكان صعبا علی المشغل إقناع هؤلاء بترك البحرين والتوجه إلی فلسطين.

 

في حينها كانت الباكستان تخوض صراعا سياسيا من أجل استقلالها عن الهند ونتيجة لذلك الصراع تأثرت دول المنطقة بالصراعات الطائفية بين المسلمين الهنود والباكستانيين من جهة والهندوس من جهة أخری ورصدت التقارير البريطانية حدوث توترات طائفية بين الهندوس والمسلمين في كل من البحرين وقطر، كما تم رصد منشورات تحريضية يوزعها الهندوس ضد المسلمين الهنود.

استغلت الإدارة البريطانية هذه الصراعات الفرعية في تشكيل مجموعات مدفوعة الأجر لإيذاء اليهود في البحرين وبعض دول المنطقة وحثهم علی إتمام خط الهجرة إلی فلسطين.

 

وبالفعل انتشرت أعمال تخريب وإرهاب موجهة ضد الجاليات اليهودية في أكثر من بلد عربي وتحريض اليهود للانتقال من تلك البلدان إلی أرض فلسطين.

 

لاحقا وبعد انجلاء أعمال الشغب ضد اليهود في البحرين سافرت أغلبية الجالية اليهودية إلی فلسطين وبقي بضع عشرات منهم فقط. وكشف التقرير الجنائي الذي أعده بلجريف أن أعمال الشغب التي وجهت ضد اليهود لم تكن محلية وأن المشاركين فيها كانوا مندسين أصلا إضافة إلی أن أغلب المتورطين في أعمال الشغب والاغتصاب والحرق لم يكونوا من حملة الجنسية البحرينية.

المثير هنا أن بعض العائلات اليهودية التي فضلت البقاء في البحرين كعائلة خضوري انضمت إلی حملات المقاطعة العربية للكيان المؤقت التي أقرتها الجامعة العربية والتزام بها نظام الحكم في البحرين، ولكن لم يسجل لعائلة نون موقف مماثل رغم أنها كانت معنية بإظهار انحيازها للقضية العربية الكبری وهو ما يثير الشك في العلاقة بين العائلة والكيان المؤقت.

استنادا إلی هذا العرض التاريخي يصبح الحديث عن الحق اليهودي في المنامة كذبة وأسطورة يراد منها تأسيس كيانات دينية وسياسية تزاحم الكيانات الأصيلة في المنامة ويصبح لتلك الكيانات المستحدثة سطوة ومكانة علی غرار المكانة التي منحها أسلاف العائلة الحاكمة لليهود المهاجرين تحت الرعاية البريطانية.