في هذا اليوم وبمناسبة اليوم العالمي لحقوق الإنسان( نقف أمام تقرير الوفاق الحقوقي لعام 2022 - مواسم القمع)، وهو يحمل في طياته رسالة جلية عن استمرار الحالة الحقوقية المتردية في البحرين. فلقد شهدنا، وفقاً لما تم رصده في هذا التقرير، أكثر من 2400 حادثة تنتهك حقوق الإنسان الأساسية، بالإضافة إلی أكثر من ألف تظاهرة واحتجاج.
قبل التعليق علی التقرير الصادر لنا كلمة في فلسطين: إن ما يحدث اليوم من جرائم حرب لم يسبق لها مثيل في فلسطين المحتلة والتي أقدم كيان الاحتلال الاسرائيلي فيها علی استهداف كل فئات المجتمع والمنشآت المدنية والدينية والتوحش في قتل الفلسطينيين بلا رحمة في الوقت الذي يحاضر فيه مدعو الإنسانية من داعمي هذا الكيان بما يسمونه حق الدفاع عن النفس والعمل علی تشويه صورة النضال الفلسطيني؛ فإن شعبنا في البحرين لا يمكن إلا أن يقف في صف الدفاع عن هذه القضية العادلة في ظل تواطئ الكثير من الحكومات المتصهينة والتي منها حكومة البحرين والتي لا تمثل شعبنا الأبي.
نحن اليوم نقف أمام تقرير الوفاق الحقوقي لعام 2022 - مواسم القمع، وهو ليس مجرد وثيقة، بل هو شهادة إدانة للنظام البحريني الذي انتهك ولازال بصورة صارخة وممنهجة، حقوق شعبه. فهذه ليست أرقاماً فحسب، بل هي دلائل علی نظام قمعي يختبئ وراء قناع الشرعية، وهذا التقرير يأتي ضمن سلسلة تقارير صدرت عن الوفاق فضلا عن كثير من المؤسسات البحرينية وغير البحرينية، والتي يمكن اعتبارها وثائق مرجعية لأي متابعة حقوقية أو سياسية من جهة أممية خصوصا آليات الأمم المتحدة، وهي تثبت بالتفصيل الدقيق مدی توحش وتغول القمع السياسي في البحرين.
لقد تم تسمية التقرير بمواسم القمع للإشارة إلی أنَّ السلطة تسعی لتحويل بعض الأحداث أو المناسبات إلی فرصة للقمع والانتقام السياسي؛ وهو مايفسر بروز بعض مظاهر التوتر السياسي بين فترة وأخری، وأن صور القمع السياسي متعددة وليست محصورة بانتهاك واحد.
إن الأرقام الموثقة ليست مجرد إحصاءات، بل هي صرخة تنبع من قلب المعاناة الإنسانية لشعب مضطهد. فمع أكثر من 1700 مداهمة و100 حالة اعتقال و 41 حالة تعذيب و 245 سوء معاملة في السجون، نجد أنفسنا أمام تحدي جسيم يتمثل في حماية الحقوق الأساسية والكرامة الإنسانيةالتي تنتهك كل يوم في وطننا البحرين.
يرصد التقرير القضية البارزة لقمع الحريات الدينية كمثال صارخ علی التحديات التي يواجهها الشعب. حيث تجلی هذا الانتهاك الجسيم بشكل خاص خلال موسم عاشوراء لعام 2022، إذ شهدنا استدعاءات متكررة لعلماء الدين ورؤساء المآتم الحسينية والرواديد وقيوداً علی السفر لأداء الشعائر الدينية.
إن المداهمات، و الاعتقالات التعسفية، و قمع الحريات الدينية، كل هذه الأفعال لا تعدو كونها أدوات طغيان تستخدمها الحكومة البحرينية لإسكات صوت الحق.
ففي سجن جو المركزي، وغيره من السجون، يتم التنكيل بالسجناء، و يُحرمون من أبسط حقوقهم، في محاولة فاشلة لكسر إرادتهم وصمودهم.
إن الوضع في سجن جو المركزي، الذي يعاني من تضييق علی حقوقهم الأساسية كسجناء رأي ومنها الحريات الدينية، يمثل تحدياً آخر يتطلب تدخلاً عاجلاً ومسؤولاً من قبل الجهات الدولية المعنية. كما أن المداهمات غير القانونية والاعتقالات التعسفية تكشف أيضا عن الحاجة الملحة لذلك.
إن الصمت الدولي تجاه هذه الفظائع لا يقل إدانة عن الأفعال نفسها. المجتمع الدولي ومنظمات حقوق الإنسان يجب أن يتحملوا المسؤولية بشكل أكبر. ليس كافياً إصدار بيانات الشجب والإدانة؛ نحتاج إلی إجراءات فعلية تضع حداً لهذه المعاناة.
من هذا المنبر، أدعو المنظمات والجهات الدولية المعنية إلی التفاعل الإيجابي مع توصيات تقرير الوفاق بالإضافة إلی التوصيات الحقوقية الصادرة من اللجان الحقوقية الأممية ومنها توصيات الاستعراض الدوري الشامل للبحرين الذي اعتمد في نهاية عام 2022, والعمل بجدية للدفع والضغط لتنفيذ توصيات اللجنة المستقلة لتقصي الحقائق.
إن تقرير الوفاق يطالب بأكثر من مجرد النظر؛ فهو يطالب بتحرك جاد وفوري. إذ يجب أن تكون هناك عواقب حقيقية لانتهاكات حقوق الإنسان التي يرتكبها النظام البحريني. فالوقت قد حان للعمل بشكل جاد لإنهاء هذه الانتهاكات البشعة في البحرين.
إن الحاجة إلی مراقبة دولية وتأكيد التزام البحرين بمعاهدات حقوق الإنسان الدولية هو أمر لا يقبل التأجيل.
وفي الختام، أؤكد علی أن الوقت قد حان للانضمام والتصديق علی بعض المعاهدات الدولية التي تجاهلتها حكومة البحرين خصوصا ما يتعلق بالتعذيب وسوء المعاملة كالبروتوكول الاختياري لاتفاقية مناهضة التعذيب، والعمل علی إلغاء عقوبة الإعدام بحق سجناء الرأي كخطوة أساسية نحو حماية واحترام حقوق الإنسان في البحرين.
كما أود التأكيد علی أن الأزمة الحقوقية هي من تداعيات الأزمة السياسية، وأن الوصول إلی توافق دستوري في البحرين من شأنه أن يساهم في إيقاف تدافع وتوسع الأزمات.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته