هذا العدوان ذكّر كثيرين بحرب 2006، لكن الظروف تغيّرت في البحرين خلال 18 عامًا. في العام 2006 خرجت مسيرات شارك فيها عشرات الآلاف من البحرينيين، ترفع أعلام حزب الله، وتندد بالجرائم الصهيونية المدعومة من الولايات المتحدة.
في مسيرة «لبيك يا مقاومة» التي انطلقت من تقاطع السيف إلی دوار اللؤلؤة يومها، تحدثت قيادات المعارضة يتقدمهم زعيم المعارضة وأمين عام الوفاق الشيخ علي سلمان، الذي كان يهتف بأعلی صوته «لبيك يا نصرالله». صور سيد المقاومة وأعلام حزب الله كانت تملأ البحرين، في المسيرات، وعلی السيارات، في الطرقات، داخل القری والمناطق البحرينية، فيما كانت أناشيد ألبوم الوعد الصادق بصوت الشيخ حسين الأكرف، تسمع في كل مكان قد يخطر علی بالك، وعلی الصعيد الإنساني كان هناك تضامن شعبي واسع وحملات تبرّع قادتها جهات رسمية وأهلية لإغاثة ومساعدة أهلنا في لبنان.
منذ العام 2006 تغير الكثير الكثير، وضعت البحرين حزب الله علی لائحة الإرهاب، وحكمت بالمؤبد علی زعيم المعارضة الشيخ علي سلمان الذي يقبع في السجن منذ حوالي 10 أعوام. صاحب الصوت العذب الشيخ حسين الأكرف يعيش في المنفی. النظام القمعي وضع قوانين صارمة تقيّد حركة الأموال، ولم يعد أحد يفكر في جمع التبرعات لصالح المقاومة أو شعوب فلسطين ولبنان لأن ذلك سيعرّضه للملاحقة القانونية بتهمة «دعم وتمويل الإرهاب»، هذا كله إلی جانب حكومة البحرين التي قررت التطبيع مع الصهاينة قبل 4 أعوام، وأدی تطبيعها لتوقيع عشرات اتفاقيات التطبيع في مختلف المجالات، وفتح سفارة للكيان علی أرض البحرين.
لكن علی الرغم من كل ذلك، لم يتغير الشعب، وبقيت قضية فلسطين، قضية مركزية يرفعها وينادي بها في كل منصّة أو مكان، ولم يتقبل هذا الشعب الأبي جريمة التطبيع، بل استمر في التظاهر للتنديد بهذه الخطوة طوال 4 أعوام دون أن يعرف التعب، وبعد عملية طوفان الأقصی، دخل شباب هذا الشعب السجن لتضامنهم مع شعب فلسطين الأبي والمقاوم.
واليوم مع الاعتداء الصهيوني الدامي علی لبنان وشعبه ومقاومته، يقف شعب البحرين ذات الموقف بنفس الحماسة والصلابة، يرفع راية المقاومة ويدافع عنها، كيف لا يفعل ذلك، والمستهدف هو هذا الحزب الذي طالما دافع عن مظلومية شعب البحرين، ودفع بسبب موقفه المبدئي من شعب البحرين وقضيته، ثمن وضعه علی لوائح الإرهاب الخليجية، ورغم ذلك لم يبالي أو تأخذه في الله لومة لائم.
لذلك لم يكن مستغربًا بيان كبار علماء البحرين منذ الساعات الأولی للعدوان، ولم تكن مستغربة عشرات المسيرات التي جابت مختلف مناطق البحرين ترفع صورة السيد حسن نصرالله، وتهتف باسم المقاومة وسيّدها، ومن المتوقع أن تستمر كل هذه الفعاليات التضامنية رغم الظروف المحيطة والقوانين الجائرة.
إن من الواجب الأخلاقي لشعب البحرين أن يبقی وفيًّا لمن كانوا أوفياء معه طيلة عقدٍ ونيف وفي ظروف بالغة التعقيد. لذلك تراه اليوم مع المقاومة والشعب اللبناني الأبي، أكثر من أي يومٍ مضی، يكرر هتافه الذي كان يهزّ أرجاء العاصمة البحرينية قبل 18 عامًا «لبيك يا مقاومة... لبيك يا نصرالله».