اعتبرت صحيفة “يديعوت أحرونوت” الإسرائيلية أنّ “ولي العهد السعودي محمد بن سلمان يحاول استغلال حدث الحرب الإسرائيلية المستمرة علی قطاع غزة منذ عام من أجل التحوُّل من شخص منبوذ إلی حليف”، موضحة أنّ بن سلمان “ينتظر الخطوة الإسرائيلية لإتمام التطبيع العلني”.
وقالت الصحيفة، في المقال الذي نشرته في 22 أيلول/سبتمبر 2024، إنهّ “بعد مرور أربع سنوات علی توقيع اتفاقات إبراهيم (اتفاقات التطبيع) وفي ظل الحرب في غزة، لا يزال من غير الواضح ما إذا كانت الجهود الرامية إلی التوصل إلی اتفاق التطبيع ستنجح”.
ونقلت عن كبير الباحثين ورئيس قسم الخليج في “معهد دراسات الأمن القومي” الإسرائيلي، يوئيل جوزانسكي، قوله: “بن سلمان يحمل إلی حد كبير مفاتيح السلام في المنطقة، وهو زعيم دولة مهمة جداً لإسرائيل الإقليمية، خاصة فيما يتعلَّق بإيران”.
وأشار إلی أنّ “بن سلمان يريد إدخال المملكة إلی حقبة جديدة، ويری أنّ الاتفاق مع إسرائيل جزء من هذه العملية، ليس بسبب إسرائيل، بل بسبب ما سيحصل عليه من الولايات المتحدة”. وأضاف “يريد حقاً تعزيز العلاقة مع الأميركيين. يريد الحصول علی اتفاقية دفاع، ويريد اتفاقاً مدنياً نووياً. هذه الأشياء ستكرِّمه وتعزِّز مكانته كملك”.
وتابع جوزانسكي قوله: “حتی لو كان هناك اتفاق تطبيع وتم إضعاف حركة حماس بشكل كبير، أشك بأنّنا سنری تورُّطاً فعلياً للسعوديين في قطاع غزة، لكنّنا سنری تورطاً اقتصادياً ودعماً سياسياً للهيئة التي ستحل محل حماس”، فـ”السعودية لا ترسل عادة جنوداً ولا يبدو أنّها ستفعل ذلك الآن”، بحسب جوزانسكي.
وأما فيما خص محاولة التحول الداخلي، يقول الدكتور جوزانسكي: “هذه ممارسة معروفة لمثل هذه الأنظمة، فهو لديه الإجابات”. وتشير التقديرات إلی أن الشباب يحبونه ويؤيدونه بسبب التحركات التي يقودها لصالح جيل الشباب في البلاد “أولاً، هو نفسه شاب وهذا يتحدث إليهم وهو أكثر راحة لهم. ثانياً، ينظم جميع أنواع المهرجانات الموسيقية والرياضية ويحدث التغييرات”. ولكن علی المقلب الآخر، تبقی عوائق تحدّ من قدرته علی تبديل وجه البلد كلّيا، إذ يؤكد الدكتور جوزانسكي: “لقد قاد جميع أنواع التدابير الليبرالية المفترضة التي تفتح المملكة علی العالم الغربي أكثر، ولكن هذه هي “الليبرالية” بين علامتي الاقتباس، وليست الليبرالية الغربية”، كما “لا يمكنك التعبير عن رأيك علنًا”. إلی جانب ذلك تحظر “السعودية” وجود أحزاب سياسية أو تجمعات سياسية أو احتجاجات.
وقد طوّق النظام السعودي خلال السنوات الأخيرة عمل المدافعين عن حقوق الإنسان، ونكّل بهم بالاعتقال التعسفي والإهمال الطبي والأحكام القاسية والإخفاء القسري، بما أدی إلی انتفاء لأي نشاط في الداخل.
وفي تقرير للمنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان، ففي نوفمبر 2015، وعلی وقع المحاكمات والانتهاكات بحق النشطاء، روجت السعودية لما سمته إصدار نظام الجمعيات والمؤسسات الأهلية، وقالت أنه يهدف إلی: تنظيم العمل الأهلي وتطويره وحمايته، وتعزيز مساهمة المواطنين في إدارة المجتمع، وتفعيل ثقافة العمل التطوعي وتحقيق التكافل الاجتماعي”.
اعتبر تقرير المنظمة أن “الواقع أكد شكلانية هذا النظام وعدم قدرته علی حماية أي نشاط حقوقي ومدني، حيث لم تمنح السعودية أي ترخيص لمنظمات حقوقية مستقلة واكتفت بمنح التراخيص لجمعيات ومنظمات تعمل تحت ظل الحكومة، بل جرّمت ذلك وحاكمت المدافعين والمدافعات الذي قدموا طلبات. ومع تعاقب السنوات، دفع تجريم النشاط الحقوقي المستقل إلی انعدامه”.
علی الرغم من ذلك، أكدت المنظمة ترويج ” السعودية إلی وجود منظمات مستقلة للدفاع عن حقوق الإنسان في الداخل، وتستشهد بالجمعية الوطنية لحقوق الإنسان التي تقول أنها مستقلة ماليا وإداريا ولا تتبع إلی أي جهاز حكومي. نظرة عامة علی منشورات وعمل الجمعية يؤكد أنها لا تمارس دورا مستقلا في الدفاع عن حقوق الإنسان كما لا تملك آليات واقعية للوصول إلی الضحايا والدفاع عنهم”. إضافة إلی ذلك، لم تلتمس المنظمة أي دور لها في توثيق الانتهاكات.