لماذا يقلق الكيان الصهيوني من توحيد الفصائل الفلسطينية؟

وبعد ثلاثة أشهر من المفاوضات المكثفة بين الفصائل الفلسطينية في بكين، اتفقت هذه الفصائل أخيراً علی تنحية الخلافات القديمة جانباً وتشكيل حكومة وحدة وطنية.
لماذا يقلق الكيان الصهيوني من توحيد الفصائل الفلسطينية؟

وبعد ثلاثة أشهر من المفاوضات المكثفة بين الفصائل الفلسطينية في بكين، اتفقت هذه الفصائل أخيراً علی تنحية الخلافات القديمة جانباً وتشكيل حكومة وحدة وطنية. وبحسب مصادر صينية، فإن الجوهر المركزي لهذه المفاوضات هو إنشاء آلية سياسية بهدف استمرار السيادة الفلسطينية علی الأراضي الفلسطينية. ومن الأهداف المهمة الأخری لهذا الاتفاق هو التعبير عن الرأي الموحد للفصائل الفلسطينية من أجل إضعاف مخطط النظام الصهيوني للسيطرة علی شؤون غزة الأمنية وتدمير السيادة الفلسطينية في هذه المنطقة.

وبالإضافة إلی إعلان الاتفاق بين الفصائل الفلسطينية، كشفت بكين عن خطة سلام من ثلاث مراحل، تناولت بوضوح، علی عكس الخطة الأمريكية، مسألة استمرار "السيادة الفلسطينية". وعلی هذا فمن المتوقع أن تلقی هذه الخطة ترحيباً أكبر من قرار مجلس الأمن رقم 2735 من قبل الدول العربية والفصائل الفلسطينية. وبطبيعة الحال، فإن اللهجة الفظة للخطة الصينية يمكن أن تدفع الصهاينة إلی الاحتجاج وتعطيل عملهم في عملية التفاوض. وفي استمرار لهذه المذكرة، سنحاول تحليل تأثير الدبلوماسية الصينية علی عملية التفاوض الفلسطينية، وتحليل هذا الاتفاق في عملية مفاوضات الدوحة والقاهرة.
وبحسب وكالة رويترز للأنباء، فإن 14 مجموعة فلسطينية مختلفة، خاصة حماس وفتح، ناقشت وتشاورت بشأن الخلافات المتبقية بين يومي 21 و23 يوليو/تموز في بكين. وأخيراً، وبعد عدة جولات من المفاوضات والوساطة الفعالة من قبل بكين، ظهرت الفصائل الفلسطينية أمام الكاميرات إلی جانب وزير الخارجية الصيني وانغ يي وأعلنت الاتفاق التاريخي علی تشكيل "حكومة وحدة وطنية مؤقتة" لإدارة شؤون الفلسطينيين. . وفي هذه الجولة من المفاوضات، كان محمود العول، القيادي البارز في فتح، وموسی أبو مرزوق، القيادي البارز في حركة حماس الإسلامية، حاضرين في بكين. وكان الفارق بين هذه الجولة من المفاوضات ومحادثات نيسان/أبريل هو إضافة مجموعات فلسطينية أخری إلی طاولة المفاوضات. ويبدو أن الصينيين يعتزمون تهميش الخطة الأمريكية من خلال إظهار الوحدة بين الفصائل الفلسطينية وأن يصبحوا الفاعل الرئيسي في التطورات في شرق البحر الأبيض المتوسط.

ويمكن اعتبار بنيامين نتنياهو أهم معارض لاتفاق بكين. خلال الأشهر العشرة الماضية، صرح رئيس وزراء إسرائيل في مناسبات مختلفة عن خطة هذا النظام لتدمير حماس ومنعها من استعادة سلطتها في غزة. كما أكد مراراً، من خلال المقارنة بين فتح وحماس، أنه ليس لديه رأي إيجابي بشأن تسليم إدارة غزة إلی السلطة الفلسطينية. وبالطبع فإن بعض المصادر الغربية، من خلال نشر بعض الأخبار غير الرسمية، تری أن نتنياهو وافق علی الدور المشروط لمنظمات الحكم الذاتي في إدارة غزة تحت عنوان آخر خلال المفاوضات مع الأطراف الأمريكية وتحت ضغط الجيش. . وفي مثل هذا الوضع فإن اتفاق بكين سيجعل من الممكن سماع صوت واحد من جانب الفصائل الفلسطينية خلال محادثات الدوحة والقاهرة.

ومن الرسائل المهمة الأخری لاتفاق الفصائل الفلسطينية في بكين زيادة مصداقية الصين كمركز للحوارات السياسية بين كبار قادة المنطقة. وقبل ذلك، تمكن الصينيون من إنهاء نزاع دام ثماني سنوات بين طهران والرياض من خلال الوساطة. والآن يبدو أن الصين عززت مكانتها كـ"صانعة سلام" بين القوی العظمی بعد تشكيل تحالف بين الفصائل الفلسطينية لتشكيل "حكومة وحدة وطنية". وبعد هذا النجاح الدبلوماسي، تحدث وانغ يي عن المبادرة الصينية لإنهاء حرب غزة.
وفي هذه الخطة المكونة من ثلاث مراحل، بالإضافة إلی قضية وقف إطلاق النار، تم النظر أيضًا في قضية السيادة الفلسطينية. في المرحلة الأولی، سيتم التوصل إلی وقف كامل ودائم لإطلاق النار في غزة وسيتم تسهيل شروط إرسال المساعدات الإنسانية. وفي المرحلة الثانية تم التأكيد علی استمرار السيادة الفلسطينية علی أراضي عام 1967. وفي المرحلة الثالثة، طالب الجانب الصيني بعضوية فلسطين الكاملة في الأمم المتحدة بناء علی قرارات مجلس الأمن. علی الرغم من وجود أوجه تشابه مع خطة بايدن المكونة من ثلاث مراحل، إلا أن هذه الخطة أكثر وضوحًا فيما يتعلق بالمستقبل السياسي لإدارة غزة وفي نهاية المطاف تشكيل الدولة الفلسطينية.
وبعد عقدين من المفاوضات الفاشلة بين حركة حماس وفتح، يبدو أن الصينيين نجحوا في سرقة كرة التفوق من الوسطاء الأميركيين والمصريين والقطريين، وأصبحوا مركزاً دبلوماسياً لدول غرب آسيا. إن الوحدة بين الفصائل الفلسطينية لتشكيل حكومة وحدة وطنية وفي نفس الوقت إرادتها للتحرك نحو تشكيل الدولة الفلسطينية يمكن أن تضعف موقف النظام الصهيوني في المفاوضات السياسية وتغير التوازن لصالح الفلسطينيين. ومن المتوقع أن تعلن السلطات الإسرائيلية موقفها السلبي من هذه الخطة وخطتها لإفشال سلام الفصائل الفلسطينية. وفي مثل هذا الوضع علينا أن ننتظر ونری كيف سيكون رد فعل الجانب الأمريكي، وهل سيوافق علی هذه الخطة أم لا؟