الجذور التاريخية للعلاقة بين شخصيات بارزة في الحركة الصهيونية وكبار الشخصيات في الحركة الصهيونية تصنيف القادة الأمريكيين يعود إلی القرن التاسع عشر. في ذلك الوقت، طالب المسيحيون الإنجيليون (الإنجيليون)، ومعظمهم من البيوريتانيين الذين هاجروا من إنجلترا إلی أمريكا في القرنين السادس عشر والسابع عشر، بعودة اليهود إلی الأراضي المقدسة (فلسطين) وإقامة الحكومة اليهودية كأمر ضروري. خلفية لظهور السيد المسيح .(أ) أصبح أصبحت هذه الأسطورة الدينية التاريخية أساس التواصل وزيادة تأثير اليهود في مختلف مجالات المجتمع والسياسة الأمريكية. في السنوات التي سبقت نهاية الحرب العالمية الثانية، كان للوبي اليهودي في أمريكا مكانة عالية لدرجة أنه، بالإضافة إلی تقديم الدعم المالي للحركة الصهيونية، لعبوا دورًا مباشرًا في الإعداد وعملية التصويت لانتخابات الرئاسة. خطة الأمم المتحدة لإنشاء دولة فلسطين وإسرائيل، وعلی رئيس الولايات المتحدة آنذاك، أي هاري ترومان، مارست ضغوطا. ومنذ ذلك الحين، لعبت جماعات الضغط اليهودية في الولايات المتحدة دورًا بارزًا في تشكيل السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط. وفي استمرار لهذه المذكرة، سنحاول دراسة سبب المكانة الخاصة لإسرائيل في السياسة الخارجية لسكان البيت الأبيض.
تأثير اللوبي اليهودي في المجتمع والحكومة الأمريكية
ولعل "اللوبي" المؤيد للصهيونية في أمريكا هو المتغير الأساسي الأهم في عملية زيادة نفوذ النظام الصهيوني في السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط. وتعتبر منظمة "المسيحيون المتحدون للدفاع عن إسرائيل" التي يرأسها جون هاجي أكبر منظمة داعمة للنظام في الهياكل السياسية والاجتماعية في واشنطن. وهذه المنظمة "المسيحية" علی ما يبدو تضم ما لا يقل عن 10 ملايين عضو من بين "الإنجيليين" الذين يتبعون فكرة الهيمنة اليهودية علی أرض الميعاد من أجل عودة "المسيح". لجنة العلاقات العامة الأمريكية الإسرائيلية المعروفة باسم "آبيك" هي لوبي كبير آخر مؤيد لتل أبيب بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي الأمريكي. تدعي مجموعة الضغط أن لديها أكثر من 100000 عضو نشط و3 ملايين مؤيد في المجتمع الأمريكي. وخلال الانتخابات النصفية 2022، تمكن لوبي "آبيك" من السيطرة علی "أغلبية أصوات" الكونغرس من خلال تقديم 17 مليون دولار دعما ماليا لـ 365 مرشحا (جمهوريين وديمقراطيين). جي ستريت هو لوبي إسرائيلي رئيسي آخر في الولايات المتحدة، وله علاقات عميقة مع أعضاء الحزب الديمقراطي والممثلين التعديليين. وتحاول هذه المنظمة الخيرية علی ما يبدو تقديم النظام الصهيوني باعتباره "الديمقراطية" الوحيدة في منطقة غرب آسيا التي تحترم القيم الغربية مثل "العلمانية" أو "حقوق الإنسان". إن اللهجة الانتقادية لـ "جي ستريت" تجاه التيار اليميني في تل أبيب-واشنطن جعلت هؤلاء السياسيين أو النخب الأمريكية الذين يدعمون فكرة "الدولتين" أو إزالة التمييز ضد الفلسطينيين، يتمتعون بعلاقة جيدة مع هذا ردهة. وهذه المنظمات الثلاث ليست سوی جزء من اللوبي الإسرائيلي الذي تغلغل في الهياكل السياسية والاقتصادية والتعليمية والإعلامية والثقافية الأمريكية ويتسبب في "صنع القرار" لمصلحة النظام الصهيوني.
سياسة "إسرائيل أولاً" الإستراتيجية
إن شعار "أمريكا أولا" متجذر في السياسة "الاستثنائية" التي تنتهجها التيارات المحافظة والمحافظين الجدد في أمريكا في مواجهة التيارات "العولمية" و"الديمقراطية". ومع ذلك، فيما يتعلق بالسياسة الخارجية، لم تأخذ الحكومات الأمريكية أبدًا في الاعتبار مصالح واشنطن في الشرق الأوسط، وكانت دائمًا تخدم مصالح النظام الصهيوني وأمنه. وبموجب القوانين التي أقرها الكونجرس الأمريكي، لا ينبغي أبدا تعريض التفوق العسكري الإسرائيلي في منطقة الشرق الأوسط للخطر، ولتل أبيب حق "الفيتو" في رفض العقود العسكرية الأمريكية مع دول الشرق الأوسط. ولعل النفوذ الكبير للصهاينة في البيت الأبيض والكونغرس، دفع دولاً مثل تركيا والإمارات وحتی السعودية إلی الحصول علی اتفاقيات عسكرية استراتيجية مع واشنطن، عبر قناة تل أبيب، للتواصل مع اللوبي اليهودي في أمريكا و تقديم الضمانات اللازمة للحفاظ علی وجود النظام الصهيوني.
ومنذ تشكيل الكيان الصهيوني حتی عام 2023، خصص الأمريكيون 158.66 مليار دولار كمساعدات عسكرية لتجهيز ممثل الغرب علی الشواطئ الشرقية للبحر الأبيض المتوسط. وقبل عملية حماس في السابع من تشرين الأول/أكتوبر في عمق أراضي فلسطين المحتلة، كان النظام الصهيوني قد تلقی ما يقرب من 3.8 مليار دولار من المساعدات العسكرية من واشنطن في عام 2023. إن تخصيص مثل هذه المساعدات الضخمة لنظام احتلال القدس يظهر الأهمية الاستراتيجية لتل أبيب في المنطقة. ويری بعض المحللين أن الولايات المتحدة والحكومات الأوروبية تعتبر النظام الصهيوني ثكنة عسكرية لمواجهة القوی الخارجية ودول منطقة الشرق الأوسط. وعلی هذا الأساس، بعد أن ضربت عملية اقتحام الأقصی الهياكل الأمنية العسكرية الإسرائيلية، توجهت السفن والمقاتلات الهجومية وطائرات الاستطلاع بدون طيار وأنظمة الدفاع وحتی القوات الاستشارية الأمريكية والبريطانية والفرنسية إلی فلسطين المحتلة. إن الدعم الكامل الذي تقدمه واشنطن وبروكسل ولندن لإسرائيل، حتی ضد إرادة حكومات وإرادة دول المنطقة، يظهر الموقع الخاص للنظام الصهيوني في الكتلة الغربية.
التنافس الجيوستراتيجي بين واشنطن وبكين وسلام إبراهيم
وبعد ست سنوات، توجه شي جين بينغ إلی سان فرانسيسكو لحضور قمة التعاون الاقتصادي لآسيا والمحيط الهادئ، فيما يتحدث بعض الخبراء في مجال العلاقات الدولية عن ضرورة تشكيل نظام للحد من التسلح والمنافسة الإقليمية بين واشنطن وبكين. ويری هؤلاء أنه إذا لم تتوصل الولايات المتحدة والصين إلی تفاهم بشأن نزاع تايوان، والسيادة علی بحر الصين الجنوبي، ومسألة حقوق الإيغور، ووجود الشركات الصينية في قطاع تطوير البنية التحتية في القارة الأوروبية. والمنافسة علی الممر، فإن احتمالية المنافسة الجيوسياسية بين هاتين القوتين العالميتين ستزداد. وبحسب الأنباء الصادرة عن اللقاء بين بايدن وبينج، فإن رئيس الولايات المتحدة طلب من نظيره الصيني رسم خريطة للتعاون بين البلدين في غرب آسيا، وأن تستخدم بكين نفوذها وموقعها في إيران، وتطلب من طهران أن تفعل ذلك. الامتناع عن الأعمال الاستفزازية تجنبها في الشرق الأوسط!
تسببت عملية اقتحام الأقصی في تحول تركيز واشنطن السياسي والأمني إلی منطقة الشرق الأوسط، وتعززت مكانة الصين كلاعب وسيط، وأصبح مشروع تطبيع العلاقات بين السعودية وإسرائيل هو المحرك الرئيسي لهذه العملية. تأجيل خطة الممر الهندي العربي المتوسطي وفي هذه "الصورة الكبيرة"، ستصبح الأراضي المحتلة الخط الأمامي للمنافسة الجيوستراتيجية بين الصين والولايات المتحدة لرسم المسارات المستقبلية للتجارة العالمية. بمعنی آخر، بالنسبة للكتلة الغربية، لم يعد النظام الصهيوني الحامية العسكرية الوحيدة التي تحتوي علی دول المنطقة الجنوبية التي علی وشك ربط منطقتي المحيط الهادئ الهندي والأوروبي الأطلسي؛ بل أصبحت نقطة استراتيجية لقطع أحد مسارات ممر "حزام واحد - طريق واحد" والوصلة الرئيسية التي تربط قارة آسيا بأوروبا في خطة ممر "إيماك".
فائدة الكلام
خلال الحرب الباردة وفي العصر الحالي، تمكن النظام الصهيوني من أن يصبح مكان جذب للدعم السياسي والاقتصادي والعسكري والتكنولوجي ورأس المال الأمريكي من خلال تحديد دور استراتيجي لنفسه في السياسة الخارجية الأمريكية. بالنسبة لرجال الدولة الأميركيين، تعتبر إسرائيل النقطة الأكثر "شرقية" في الحضارة الغربية، وهي المسؤولة عن حماية مصالح واشنطن الاستراتيجية ومنع تقدم "الشرقيين" خارج حدود شرق البحر الأبيض المتوسط. ومن هذا المنظور فإن "بيت المقدس" هو حصن الغرب الأول في وجه الحضارات الإسلامية والهندوسية والكونفوشيوسية، ويجب ضمان بقائه بأي ثمن. وربما لهذا السبب قال جو بايدن بثقة في لقاء مع اسحق هرتسوغ إنه لو لم تكن إسرائيل موجودة لكنا خلقناها.
السيد رضي العمادي- خبير في قضايا غرب آسيا