في عام 1925، تم إنشاء يوم الطفل العالمي لأول مرة وتمت تسميته في مدينة جنيف خلال المؤتمر العالمي لرعاية الطفل. وبعد هذا القرار، تم تسمية يوم 20 نوفمبر باليوم العالمي للطفل من قبل الأمم المتحدة.
يوم الطفل هو يوم رسمي يتم الاحتفال به كل عام تكريماً للأطفال؛ هذا التاريخ يختلف في بلدان مختلفة.
وبينما يستيقظ العالم في ذلك اليوم ليحتفل بهذا اليوم، هناك أطفال في كل أنحاء الأرض يعتبرون إقامة مثل هذا اليوم نكتة مريرة ولاذعة بالنسبة لهم. نحن نعيش في عالم يتزامن فيه اليوم العالمي للطفل مع قتل الأطفال في أرض محتلة بالقوة منذ أكثر من سبعة عقود!
ويستعد العالم لتكريم هذا اليوم؛ ولكن من المؤكد أن أطفال غزة يومها سيستيقظون مذعورين علی أصوات المدافع والقصف وسيسألون أنفسهم لماذا يرتفع صوت نداء الاستيقاظ للاحتفال بحفلة الأطفال؟!
عاصفة الأقصی؛ بداية قتل الأطفال
رداً علی تدنيس النظام الصهيوني للمسجد الأقصی والضغوط التي تعرض لها الفلسطينيون في السنوات الأخيرة، شنت قوات المقاومة الفلسطينية في 7 تشرين الأول/أكتوبر عملية مفاجئة أطلق عليها اسم "عاصفة الأقصی" ضد مواقع النظام الصهيوني. وأغلقت المقاومة كافة المعابر الحدودية، وتقصف قطاع غزة منذ ذلك اليوم. أعلن صندوق الأمم المتحدة للسكان أن نحو 70% من ضحايا عدوان النظام الصهيوني علی غزة المستمر منذ 45 يوما، هم من النساء والأطفال.
ووفقا لآخر إحصائيات السلطات الفلسطينية، فقد استشهد منذ ذلك الحين ما لا يقل عن 13 ألف فلسطيني، وأصيب أكثر من 40 ألف شخص. لقد استشهدت إسرائيل ما لا يقل عن 5500 طفل و3500 امرأة يعيشون في غزة.
نصف سكان غزة البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة هم من الأطفال، وعدد الأطفال الذين استشهدوا في هذه المنطقة في الأسابيع الثلاثة الأولی من الهجمات الإسرائيلية أعلی من متوسط عدد الأطفال الذين استشهدوا في العالم كله في السنوات الثلاث الماضية. وبحسب مصادر فلسطينية، يموت 5 أطفال فلسطينيين كل ساعة في غزة. واستشهد أكثر من 3000 طفل في فلسطين خلال الأسابيع الثلاثة الماضية، وفقا لبيانات منظمة "أنقذوا الأطفال" غير الحكومية ومقرها المملكة المتحدة، نقلا عن مسؤولي الصحة في غزة.
أعلنت منظمة الصحة العالمية أن نسبة كبيرة من المصابين في فلسطين منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر البالغ عددهم نحو 40 ألف شخص هم من الأطفال.
جاء في تقارير الأمم المتحدة بعنوان "النزاعات المسلحة والأطفال" (الصادرة في 25 إبريل 2023)؛ في عام 2022، 2 ألف 985 طفلاً في 24 دولة حول العالم، وفي عام 2021، 2 ألف 515 طفلاً، وفي عام 2020، فقد 2 ألف 674 طفلاً حياتهم. وبحسب تقرير الأمم المتحدة لعام 2019، قُتل 4190 طفلاً في الصراعات حول العالم.
أصدرت وزارة الصحة الفلسطينية تقريرا مؤلفا من 212 صفحة يتضمن أسماء ومعلومات هوية وأعمار ضحايا الهجمات الإسرائيلية علی غزة خلال الفترة من 7 إلی 26 أكتوبر 2023. وبناء علی ذلك، فإن 2913 من أصل 7028 شخصاً قتلوا في فلسطين هم من الأطفال. ولهذا السبب يُطلق علی الأطفال في غزة أسماء وألقاب مختلفة هذه الأيام؛ أطفال بلا أسماء، أطفال حرب، أرواح تائهة، و... وهذا هو مصير الأطفال الذين يولدون في غزة.
هل قتل الأطفال عمل منهجي؟
من القضايا المهمة التي أثيرت في العقود الأخيرة فيما يتعلق بالكيان الصهيوني هو القتل الممنهج للأطفال الفلسطينيين علی يد هذا النظام. قتل الأطفال لا ينتمي إلی اليوم، أو هذا العام، أو هذا العقد. وهذه عملية مستمرة منذ سبعة عقود ويمكن رؤية ذروتها في الحرب الحالية في غزة.
بالنسبة لقادة تل أبيب، الطفل الفلسطيني هو قوة محتملة للمقاومة، وقتله هو في الواقع تصفية عنصر من قوات المقاومة قبل أن يحمل السلاح.
في أحد البرامج التلفزيونية سُئل طفل فلسطيني ماذا ستفعل عندما تكبر؟ وفي إجابته للمذيع الذي يطرح هذا السؤال، يعطي إجابة مثيرة للغاية تظهر عمق المأساة التي تجري في الأراضي المحتلة. يقول الطفل بهدوء مثالي: "لن يكبر الطفل الفلسطيني ويموت قبل أن يصل إلی مرحلة اختيار العمل!"
إن قتل الأطفال الفلسطينيين أمر فظيع ومحزن لدرجة أن الأمين العام للأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان الأخری رفعت أصواتها، ووصفت قتل الأطفال بالإبادة الجماعية أو تحرك إسرائيل نحو الإبادة الجماعية مرات عديدة في الأيام القليلة الماضية، ودعوا إلی وضع حد لهذا القتل.
منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول، قصفت الطائرات المقاتلة الإسرائيلية بلا هوادة قطاع غزة البالغ طوله 25 ميلاً. يقول روند عبد الفتاح مذيع الإذاعة الوطنية الأمريكية NPR في مقال نشره في مجلة أتلانتيك: لا يوجد أطفال في غزة. هذا ما تقوله والدتي. لا يوجد أطفال. الأرواح القديمة فقط هي التي توجد في أجساد مصغرة. كيف يمكنك أن تكون طفلاً وأنت تواجه احتمال الموت منذ لحظة ولادتك؟
منظمة عالمية؛ سئمت من الهياج في فلسطين
أحد التحديات التي يواجهها الأطفال الفلسطينيون هذه الأيام هو عدم وجود دعم لحقوقهم من قبل المنظمات الدولية ذات الصلة. اليونيسيف هي منظمة عالمية تتعامل مع الأطفال. لقد مر أكثر من 60 عاماً علی إنشاء هذه المؤسسة، وأصبحت المرجع الأول للمنظمات الحكومية وغير الحكومية، وتهتم بجمع المعلومات والأبحاث عن الأطفال أكثر من أي منظمة أخری.
لكن العديد من المجموعات والحكومات والأفراد انتقدوا اليونيسف بسبب أدائها الضعيف فيما يتعلق بقضايا الأطفال. أحد أكثر تقاعس هذه المنظمة إثارة للدهشة هو ضد قتل الأطفال الفلسطينيين في غزة.
مؤسسة التعليم (EAA) هي منظمة أخری تدعم الأطفال في العالم. وكان أداء هذه المنظمة أسوأ بكثير من اليونيسيف، ووصلت إلی حد أن الشيخة موزا بنت ناصر، والدة تميم بن حمد آل ثاني، أمير قطر، الذي يرأس هذه المؤسسة، وذلك لعدم قدرة هذه المنظمة علی القيام بدورها. ودعم أطفال فلسطين، وفي غزة استقال من منصبه كسفير للنوايا الحسنة لليونسكو.