لا تفترُ عائلة الحكمِ في البحرين عن تأكيدِ المُؤكد، فهي قادرة علی إعادة انتاجِ وتصدير عُنفها ضد المواطنين الملتحمين مع القضية الفلسطينية. هنا علامةٌ فارقةٌ يجبُ الإنتباه لها، وهي تشابهُ منطق الاحتلال وتطابق منطق المقاومة، وبعبارة أشدُ وضوحاً العلامة الفارقة هي الاختلافُ البيّنُ في الحمض النووي السياسي بين عائلةِ الحكم في البحرين وبين سكانِ البحرين الأصليين. يندرجُ حكم العائلة الحاكمة في البحرين تحت عنوان "الأنظمةُ القاتلةُ" وهي عبارة تصفُ أنظمةَ الحكمِ القامعةُ لإرادةِ شعُوبِها والتي تتوسلُ بالعنفِ الرسمي لمنع الرأيِ المخالفِ لتوجهاتِها. إلی جانب ذلك فهي أنظمةٌ تشعرُ بإنعدامِ الأمن الذاتي، وتعيشُ الضعف والخوف في الوقت ذاته. إنّ قمع حق المواطنين في اختيار حكومتهم، أو منعِهم من المشاركةِ الفعليّة في رسم توجهات الدولة وصناعة القرار، هو أمرٌ واضحٌ جداَ في البحرين. لقد دفعَ البحرانيّون ثمناً غالياً للحصولِ علی هذه الحقوق، كما إنّ نضالهم السياسي في هذا الجانب قد أكمل المائة عام وهم محرمون من هذه الحقوق السياسية إنّ الحمض النووي لديهم متقومٌ علی رفض الظلمِ ورفضِ الحربِ ورفض العنف، إنّهم يرفضون منطق هُوبز في بناء الدولة وهو المنطق الذي ينتجُ توحش الدولة وعنفها كما إنه المنطق المسؤول عن صياغة الاحتلال والاستيلاء علی أراضی الغير وإحلال الأغيار محلَ الأصليين. نتيجةً لذلك لا تشعرُ عائلة الحكم في البحرين بالأمان الداخلي، لأنّها تفتقدُ إلی صيغةِ التعاقدِ الاجتماعي المقبولةِ سياسياً واجتماعياً، الأمر الذي يُفقدها الشرعيّة المطلوبة للشعور بالأمن من جانب المواطنين. وهذا يقُودَها أيضاً إلی عزلةٍ قاتلةٍ تعيشُها عائلةُ الحكمِ، وإلی فراغٍ سياسيٍ قاتل، تملؤه عادةً بعقدة الخوف والترويج لشخوصها علی أنّهم أبطالٌ وخارقين للعادة. وبالمثل فإنّ ضعفَها وخوفَها من إنقلاب الشعب عليها، أو تمرده علی قرارتها، يقُودها إلی نسج علاقات تخادمٍ مع القوی الخارجية، والبحث المستديم عن ملاذٍ أخير للأمانِ المفقود لديها. كان حدوثُ طوفان الأقصی فرصةً سياسية لعائلةِ الحكم في البحرين، ولأن تعيد ترتيب بيتَها الداخلي، ولأن تبادر إلی ترك صيغة التوحش التي بنت ممارستها السياسية عليها، فلو أقدمت عائلة الحكم في البحرين علی قطع علاقتها مع الكيان المؤقت، وألغت اتفاقيات التطبيع المكروهةُ شعبياً، لكان وضع العائلة في أفضل حالاتها الآن، ولكانت فكت جزءاً كبيراً من عزلتها السياسية محلياً وعربياً. لكن الملك اختارَ أنّ ينحازَ إلی قوةِ منطق الاحتلالِ الإسرائيلي، وأن يكون حليفاً دائما للكيان المؤقت، ضارباً بعرض الحائط كلَ أصوات المواطنين المنددين بالجرائم الإسرائيلية والداعين لإلغاء اتفاقيات التطبيع المذلة بعرض الحائط. اختار الملكً أن يُظهر بعض صِبيةَ عائلتِه وهم يدعون لأهل غزة بالفرج، بدلاً من إصدار قرارٍ يُلغي اتفاقية التطبيع التي وقعتَها عائلتُه مع الكيان المؤقت، وأصدر أوامره بقمع أي تظاهرة أو مسيرة تندد بجرائم الاحتلال الإسرائيلي، ولم يكن غريبا حينها ولا يزال الوضع غربيا أن تكون البحرين الدولة الوحيدة في العالم التي يخرجُ فيها المتظاهرون المؤيدون لغزة، وهم مُتلثمّين مُخفين وجوهم خوفاً من الملاحقة الأمنية وخوفاً من الاعتقال. إنّ حال عائلة الحكم في البحرين وكما قال أكثر من دبلوماسّي غربيّ، أنّها تتظاهرُ بمناصرةِ القضية الفلسطينية، لكنها تُشجع سراً علی إبادةِ غزة والتخلصِ من عبئّ القضية الفلسطينية لصالح حكمِ الاحتلال، وبالطريقةِ التي يُفضلها علی الأرض، حتی ولو تطلبَ ذلك حدوثُ إبادة جماعية لغزة والضفة والجنوب اللبناني. لتَعذرنا غزة الآن.. وليعذرنا أهل غزة الشرفاء فنحن ضحايا أنظمةٍ قاتلة... ضحايا عائلة حكم تجيد ممارسة الاحتلال كما يمارسه الكيان ...ضحايا أنظمة سخيفة ترانا مجرد أرقام. عذراً أهالي غزة الشرفاء من ممارسات نظام حكم لا يمد لنّا بصلة، ولا نری له أي وجهٍ من وجوه الكرامة والعزة..لك الله يا غزة عندما تتحالفُ قبائلُ قريش وأحفادها لإسكات صوتكِ المقاوم للاحتلال الّذي نحن ضحاياه قبلكِ منذ أكثر من مائتي عام. لك اللهُ يا غزة فقد قاتلتِك الأنظمةُ القاتلة.
الباحث عباس المرشد - لندن