حرب غزة من وجهة نظر السعودية؛ تقرير من فارين أفرز

أفاد فارين أفارز: أن الحرب في غزة، بسبب طلب الدول العربية دعم الفلسطينيين، تضع ولي العهد السعودي في موقف صعب علی المدی القصير علی الأقل وتطغی علی خططه الاقتصادية.
حرب غزة من وجهة نظر السعودية؛ تقرير من فارين أفرز

قيّم فارين أفريز الإنهاء المفاجئ لاتفاق تطبيع العلاقات بين السعودية والكيان الصهيوني بأنه انتصار لحماس في الحرب مع هذا النظام وكتب: كان من الممكن أن يساعد هذا الاتفاق محمد بن سلمان، ولي العهد السعودي، في تعزيز أهدافه لتنويع الاقتصاد السعودي وسيسهل تقليل الاعتماد علی صادرات النفط. لكن الحرب في غزة واحتمال تصعيد الصراعات يهددان تقدم هذه العملية.

وفي الوقت الذي طلب منه القادة الأمريكيون والأوروبيون أن يلعب دورا قياديا في مستقبل غزة، يواجه ولي العهد السعودي الآن ضغوطا من داخل بلاده وخارجها. وتتعرض الرياض أيضًا لضغوط من المجموعات الإقليمية والمحلية التي تريد أن تدعم البلاد الفلسطينيين بشكل فعال.

وكتبت الخارجية أفرز أن الأطراف التي تتوقع أن تلعب السعودية دورا في حرب غزة قد تشعر بخيبة أمل. لأن السعودية ليست قادرة ولا راغبة في دخول قواتها إلی غزة بعد الحرب أو تحمل تكاليف باهظة في إعادة إعمار هذه المنطقة.

كما أن هذه الدولة لا تظهر أي رغبة في استخدام الأدوات المتاحة لها، بما في ذلك الأدوات اللازمة لتقليل إنتاج النفط أو تصدير هذا المنتج، للضغط علی النظام الصهيوني والولايات المتحدة.

وتابعت هذه وسائل الإعلام: رغم أن اتفاق تطبيع العلاقات بين الرياض وتل أبيب قد أزيل من طاولة المفاوضات في الوقت الحالي، فإن الدوافع التي شجعت السعودية علی إعادة النظر في نهجها في الاعتراف بالكيان الصهيوني لم تختف بعد. لكن الأهداف الاقتصادية لولي العهد السعودي لن تتحقق إلا من خلال الاستقرار في الشرق الأوسط والعلاقات القوية مع أمريكا. وهذا البرنامج الطويل سيشكل مسار التصرفات السعودية في الصراع الحالي في المنطقة.

وقبل هجوم حماس، واجهت إدارة جو بايدن عقبات أمام اتفاق التطبيع بسبب تضارب مصالح الأطراف الثلاثة في اتفاق التطبيع. لكن علی الرغم من التقدم الذي تم إحرازه للتوصل إلی اتفاق، فإن القضية الفلسطينية ومطالبة السعوديين بتشكيل دولة مستقلة ظلت عائقا.

وحتی قبل حرب غزة، طلبت السعودية من إسرائيل اتخاذ إجراء أساسي بشأن القضية الفلسطينية وجعلت ذلك شرطا مسبقا لأي تطبيع للعلاقات. لكن ما دام النظام الصهيوني منخرطا في حرب غزة وما دام الرأي العام العربي معبئا لدعم الفلسطينيين، فإن التوصل إلی اتفاق تطبيع غير ممكن.

وأضاف هذا التقرير: وقف إطلاق النار مع الحوثيين اليمنيين، ورفع الحصار عن قطر عام 2021، والتواصل مع الصين للتوسط من أجل استئناف العلاقات مع إيران، كلها تمت باسم برنامج الإصلاح الاقتصادي لولي العهد السعودي. والمعروفة باسم "رؤية 2030"، والتي استهدفت التنويع الاقتصادي وتقليل الاعتماد الاقتصادي علی النفط. الرياض تؤكد علی ضرورة الاستقرار الإقليمي لمزيد من التكامل والتنمية الاقتصادية. وفي هذا السياق توسطت أمريكا لتطبيع العلاقات بين الرياض وتل أبيب.

ومن المرجح أن تكون المملكة العربية السعودية علی استعداد لتولي دور الممول في الحكومة الانتقالية المستقبلية التي توافق عليها الأمم المتحدة في غزة؛ وهي حكومة سيتم تشكيلها حتی عودة السيطرة علی هذه المنطقة إلی السلطة الفلسطينية.

ومع ذلك، فإن هذا الدور السعودي لن يشمل تحويل مبالغ ضخمة من المال، علی غرار المساعدات السابقة للبلاد. وأكدت الرياض في مفاوضاتها الأخيرة مع الجانب المصري أنها تفضل فرص الاستثمار علی التحويلات النقدية.

وسيكون النهج الذي ستتبعه السعودية في غزة هو نفسه، ما لم تجعل الولايات المتحدة مثل هذا الاتفاق أحلی مع الإنجازات الدبلوماسية التي تسعی إليها الرياض في اتفاق التطبيع مع النظام الصهيوني.

في إشارة إلی تطورات حرب 1973 بين العرب وإسرائيل والحظر النفطي الذي فرضته المملكة العربية السعودية والدول العربية علی الولايات المتحدة لمعاقبة هذا البلد لدعمه النظام الصهيوني، كتبت هذه وسائل الإعلام أن الوضع الحالي يختلف عن عام 1973 والسياسيين وينبغي لقادة الأعمال أن يشعروا بالارتياح.

ويشعر بعض المراقبين بالقلق من انخفاض إنتاج النفط، لكن السعوديين خفضوا بالفعل إنتاج النفط إلی مليوني برميل يوميا. تم اتخاذ هذا القرار في نهاية عام 2022، والمزيد من التخفيض في الإنتاج ليس مفيدًا للمملكة العربية السعودية.

واختتمت الخارجية: أزمة غزة، مثل كل الأزمات، ستهدأ وقد تستمر لأكثر من أسابيع وأشهر وتوقف أي جهود دبلوماسية أخری في الشرق الأوسط. ولكن طالما أن القوات الإسرائيلية موجودة في غزة، فإن هناك فرصة ضئيلة أو معدومة لتسريع المفاوضات غير المباشرة بين الرياض وتل أبيب بوساطة إدارة بايدن.

لكن العوامل التي حفزت هذه المفاوضات لم تختف بعد. تل أبيب مهتمة بتوثيق العلاقات مع المملكة العربية السعودية. ومن ناحية أخری، يريد السعوديون أن يكونوا قادرين علی الاستفادة من الاقتصاد الإسرائيلي. وما زال الجانبان يعتبران إيران تهديدا إقليميا. إن طلب المملكة العربية السعودية من النظام الصهيوني اتخاذ بعض الخطوات الملموسة نحو إنشاء دولة فلسطينية سيظل يشكل عقبة، ولكن إذا أدت الحرب في غزة إلی تطور جديد في حكومة النظام الصهيوني، فربما ستظل هذه العقبات قائمة. تقليصها وتوفير إمكانية العودة إلی طاولة المفاوضات

وذكّرت هذه وسائل الإعلام بأن أي اتفاق بين الدول العربية وتل أبيب هو في الأساس اتفاق مع الولايات المتحدة. إن احتمال الحصول علی مثل هذه الفوائد سيكون جذابا للمملكة العربية السعودية بغض النظر عما يحدث في إسرائيل وغزة. إن العودة النهائية لمحادثات التطبيع بين المملكة العربية السعودية والكيان الصهيوني ستعني أيضًا العودة إلی المحادثات الأمريكية السعودية وفقًا لقائمة رغبات الرياض: أي ضمان أمن ودعم الولايات المتحدة للتطوير النووي للمملكة العربية السعودية دون قيود الضمانات التي تفرضها واشنطن علی الدول الأخری.

إذا تمكنت الولايات المتحدة من التركيز علی دبلوماسية تطبيع العلاقات بين الرياض وتل أبيب، فسيكون من المهم بالنسبة لهذا البلد تقييم ما إذا كان التطبيع يستحق العناء علی حساب التزامات عسكرية أمريكية جديدة والمخاطر الأكبر المتمثلة في انتشار الأسلحة النووية في المنطقة. أم لا وبطبيعة الحال، يمكن لواشنطن أن تتجاهل هذه المخاوف في الوقت الحالي: فطالما استمر الصراع في غزة، ليس هناك أمل في التوصل إلی اتفاق تطبيع.