عاجل
وصف قائد الثورة الإسلامية، سماحة آية الله السيد علي الخامنئي في نداءه بمناسبة موسم الحج العظيم والمجيد، "النطاق الإنساني" و"قوة الفاعل الروحي للإسلام" بأنهما جانبان من فريضة الحج، وأشار سماحته إلی المآسي التي تشهدها غزة والتي لم يسبق لها مثيل في التاريخ المعاصر، مؤكدا: "أن البراءة عن الكيان الصهيوني وداعميه، وخاصة أمريكا، يجب أن تستمر هذا العام إلی ما بعد موسم الحج والميقات، في الدول والمدن التي يسكنها المسلمون، في جميع أنحاء العالم".
ونشر موقع KHAMENEI.IR الإعلامي النص الكامل للنداء الذي وجّهه قائد الثورة الاسلامية إلی حجاج بيت الله الحرام بتاريخ 11/06/2024.
بسم الله الرّحمن الرّحيم
والحَمدُ للهِ ربِّ العالمينَ، والصّلاةُ والسّلامُ علی خير البريّة، سيّدنا محمّدٍ المصطفی وآله الطيّبين، وصحبه المنتجبين، ومن تَبِعهم بإحسانٍ إلی يوم الدّين.
إنّ النداء الإبراهيميَّ الرَّخيم، الذي يدعو علی مدی العصور، وبأمرٍ من الله، جميعَ النّاس إلی الكعبة في موسم الحجّ، قد جذب هذا العام أيضًا قلوب جموعٍ من المسلمين حول العالم إلی معقل التوحيد والوحدة هذا، وأفضی إلی هذه الحشود الشعبيّة العظيمة والمتنوّعة، مستعرضًا امتدادَ الإسلام البشريَّ وقوّةَ عنصره المعنويّ أمام العدوّ والصّديق.
ومتی ما جری النظر بعين التدبّر إلی اجتماع الحجّ العظيم ومناسكه المفصّلة، يبّث رباطة الجأش في المسلم، ويمنحه الطمأنينة، وينشر الرعب والرّهبة في العدو والمبغض.
ولا عجبَ إنْ استهدف الأعداء والمتربّصون سوءًا بالأمّة الإسلاميّة هذين الجانبين من فريضة الحج بهجمات التشويه والتشكيك، سواء عبر إبراز التباينات المذهبيّة والسياسيّة، أو من خلال تهميش الجوانب القُدسيّة والمعنوية.
يُقدّم القرآن الحجّ مظهرًا للعبوديّة والذكْرِ والخشوع، وتجسيدًا لكرامة البشر المتساوية وانتظام حياتهم الماديّة والمعنوية، وتجلّيًا للبركة والهداية والسكينة الأخلاقيّة والوفاق العملي بين الإخوة، ومشهدًا لبُغض الأعداء ومجابهتهم باقتدار.
إنّ التدبّر في الآيات المرتبطة بالحجّ، والتمعّن في أعمال هذه الفريضة، التي لا نظير لها، وفي مناسكها، يعرضان لنا، من خلال التركيبة العميقة للحج، هذه الأمورَ وأسرارًا ومكنونات من قبيلها.
إنّكم، أيّها الإخوة والأخوات الحجيج، تقفون الآن في ساحة التدرّب علی هذه الحقائق والتعاليم الساطعة. فلتُدنوا منها فكرَكم وعملَكم أكثر فأكثر، ولتعودوا إلی دياركم بهذه الهويّة المصقولة والممزوجة بالمفاهيم السامية؛ هذه هي الهديّة القيّمة والحقيقيّة لرحلة حجّكم.
قضيّة البراءة، هذا العام، هي أبرز من أيّ زمنٍ مضی، ففجائع غزّة المنقطعة النظير في تاريخنا المعاصر، وعنجهيّة الكيان الصهيوني عديم الرحمة وهو مظهر القسوة والعُتوّ والآيل إلی الزّوال بالتأكيد، لم تدعْ مجالًا للتهاون والممالأة لدی أيّ فرد أو حزب أو حكومة أو فرقة مسلمة. يجب أن تتواصل البراءة هذا العام بنحو يتخطّی موسمَ الحجّ وميقاتَه، إلی الدول والمدن التي يقطنها المسلمون في أرجاء العالم كلّه، وتتعدّی الحُجّاجَ إلی كلّ فردٍ من الناس.
إنّ هذه البراءة من الكيان الصهيوني وداعميه، ولا سيّما الإدارة في الولايات المتحدة الأمريكيّة، ينبغي أن تتجلّی قولًا وعملًا لدی الحكومات والشعوب، فتضيّق الخِناق علی الجلّادين.
يجب، وبكلّ الطرق، مساندةُ المقاومة الفولاذيّة لفلسطين، ودعم أهالي غزّة الصابرينَ المظلومين، الذين دفعت عظمة صبرهم ومقاومتهم العالم إلی الإشادة بهم وتبجيلهم.
أسأل الله لهم نصرًا تامًّا وعاجلًا، ولكم - أيّها الحجّاج الكرام - حجًّا مقبولًا. ولْيَكُن دعاءُ بقيةِ الله (روحي فداه) المستجابُ سندًا لكم.
والسّلامُ عليكُم ورَحمةُ الله
السيّد علي الخامنئي
4 ذي الحجّة 1445
11 حزيران/ يونيو 2024