الحج أركانه وأحكامه وعلي من يتوجب

يعد الحج ركن من أركان الإسلام الخمسة , قال رسول الله صلي الله عليه وسلم : ( بني الإسلام علي خمس : شهادة أن لاإله إلاالله وأن محمداً رسول الله , وإقام الصلاة , وإيتاء الزكاة , وصوم رمضان ,وحج بيت الله لمن استطاع إلي ذلك سبيلاً).
الحج أركانه وأحكامه وعلي من يتوجب

ما هو الحج؟

الحجّ من أهمّ الفرائض في الشريعة الإسلاميّة، قال الله تعالي: {وَلِلّهِ عَلَي النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ الله غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ}.

وفي المرويّ عن الإمام الصادق (عليه السلام) أنّه قال: «مَنْ مَاتَ وَلَمْ يَحُجَّ حَجَّةَ الْإِسْلَامِ، لَمْ يَمْنَعْهُ مِنْ ذَلِكَ حَاجَةٌ تُجْحِفُ بِهِ، أَوْ مَرَضٌ لَا يُطِيقُ فِيهِ الْحَجَّ، أَوْ سُلْطَانٌ يَمْنَعُهُ فَلْيَمُتْ يَهُودِيّاً أَوْ نَصْرَانِيّاً».

أركان الحج

أركان الحج هي الواجبات أو المناسك الأصلية للحج، التي تركها متعمداً يوجب بطلانه. والركن في اصطلاح الفقهاء هو عملٌ تركه العمدي أو السهوي يوجب بطلان العبادة كالصلاة مثلاً. 

في نظر فقهاء الشيعة، إن الإحرام والطواف والوقوف في عرفات، والوقوف في مشهر الحرام، والسعي بين الصفا والمروة من أركان الحج. لكن في ركنية النية والتلبية والترتيب فهناك خِلافٌ. الشهيد الأول، والصيمري، وكاشف الغطاء، والمحقق الكركي من فقهاء الشيعة الذين يعتقدون بأن هذه الثلاثة من أركان الحج.

اختلف فقهاء المذهب السني في عدد الأركان؛ فعند الفقهاء الشافعيين، إن للحج ستة أركان، وعند المالكية والعديد من الحنابلة أربعة أركان، وبحسب مشهور المذهب الحنفي له ركنان. كما اعتبر الشافعيون، الحلق والتقصير من أركان الحج أيضاً. وفقهاء المالكية رفضوا ركنية الوقوف في المشعر، والفقهاء الحنابلة ترددوا في ركنية السعي الصفا والمروة. كما لا يقبل فقهاء الحنفية ركنية الإحرام والوقف في المشعر والسعي والصفا والمروة.

أحكام الحج

الاختلاف بين أركان الحج والواجبات غير الركنية له، يكمن في بطلانه، ففي الصورة التي يُترك فيها الركن عمداً أو سهواً فإنه تبطل الحج.بينما ترك الواجبات غير الركنية في الحج - كالحلق والتقصير، ورمي الجمرات والهدي-، متعمداً لا يبطله. كما أن ترك الركن بحسب نظر بعض الفقهاء جهلاً بالحكم هو كالترك العمدي، يبطل الحج.

ترك الوقف (الوقف في عرفات والمشعر) يبطل الحج، سواء كان الترك عن قصد أو عن غير قصد.

بحسب فتاوي فقهاء الشيعة انه إذا نُسي أحد أركان الحج فلا يمكن الاستعانة بالنائب إلا إذا تعذّر العَود إلي مكة. أما في حالة نسيان الواجبات غير الركنية في أي صورة كانت فيمكن تعيين النائب لأدائها.

بحسب فتوي مشهور فقهاء الإمامية، فإن المستبصر (المسلم الذي اعتنق المذهب الشيعي) لا يحتاج إلي إعادة الحج الذي أداه طبق مذهبه بشرط كان أداؤه صحيح بأركانه. وهناك اختلاف في الرأي حول أن المعيار هو الركن في المذهب السابق أو الركن في المذهب الشيعي.

 

علي من يجب الحج؟

يجب الحجّ علي البالغ العاقل المستطيع. وتتحقّق الاستطاعة بتوفّر الأمور التالية:
1- سلامة البدن، بمعني أن يكون متمكّناً من مباشرة الحجّ بنفسه، فالمريض أو الهرِم - أي كبير السن - الذي لا يتمكّن من أداء الحجّ إلي آخر عمره، أو كانت مباشرته لأداء الحجّ موجبةً لوقوعه في حرج شديد لا يُتحمّل عادة لا يجب عليه الحجّ بنفسه.
2- تخلية السرب، ويقصد بها أن يكون الطريق مفتوحاً ومأموناً، فلا يكون فيه مانع لا يمكن معه من الوصول إلي أماكن أداء المناسك، وكذلك لا يكون خطراً علي النفس أو المال أو العرض، وإلّا لم يجب الحجّ.
وإذا كان طريق الحجّ مغلقاً أو غير مأمون إلّا لمن يدفع مبلغاً من المال فإن كان بذله مُجحِفاً بحال الشخص لم يجب عليه ذلك، وإلّا وجب وإن كان المبلغ معتدّاً به.
3- النفقة، ويقصد بها: كلّ ما يحتاج إليه في سفر الحجّ من تكاليف الذهاب والإياب، أو الذهاب فقط لمن لا يريد الرجوع إلي بلده، وأجور المسكن، وما يصرف خلال ذلك من المواد الغذائيّة والأدوية وغير ذلك.
4- الرجوع إلي الكفاية، وهو أن يتمكّن بالفعل أو بالقوّة من إعاشة نفسه وعائلته بعد الرجوع إذا خرج إلي الحجّ وصرف ما عنده في نفقته، بحيث لا يحتاج إلي التكفّف ولا يقع في الشدّة والحرج بسبب الخروج إلي الحجّ وصرف ما عنده من المال في سبيله.
5- السعة في الوقت، بأن يكون له متّسع من الوقت للسفر إلي الأماكن المقدّسة وأداء مناسك الحجّ، فلو حصل له المال الكافي لأداء الحجّ في وقت متأخّر لا يتّسع لتهيئة متطلبات السفر إلي الحجّ من تحصيل الجواز والتأشيرة ونحو ذلك، أو كان يمكن ذلك ولكن بحرج ومشقّة شديدة لا تُتحمّل عادة، ففي هذه الحالة لا يجب عليه الحجّ في هذا العام، وعليه أن يحتفظ بماله لأداء الحجّ في عام لاحق إذا كان محرزاً تمكّنه من ذلك من دون عوائق أخري وكان التصرّف فيه يخرجه عن الاستطاعة بحيث لا يتيسّر له التدارك، وأمّا مع عدم إحراز التمكّن من الذهاب لاحقاً أو تيسّر تدارك المال فلا بأس بصرفه وعدم التحفّظ عليه.

وفي الختام يجدر الإشارة إلي أن الحج لم يكن فيه كل هذا المصاعب التي هي عليه الآن وذلك في ظل التسييس الممنهج لحكام أرض بيت الله الحرام والتي كانت في زمن الرسول وأهل بيته ميسرة لكل من أستطاع إلا أنها الآن تتطلب اذونات وتكاليف باهظة تصعب علي العديد من الناس.