نشأت مدعي النبوة: ليس الأول فلماذا أثار كل هذا الجدل؟ وكيف ردت عليه جهات دينية عربية؟

تقدمت دار الفتوی في لبنان ببلاغ للنيابة العامة التمييزية اللبنانية ضد شخص يدعی "نشأت منذر" يعرف أيضا بـ"نشأت مجد النور" يدعي أنه نبي من الله.
نشأت مدعي النبوة: ليس الأول فلماذا أثار كل هذا الجدل؟ وكيف ردت عليه جهات دينية عربية؟

من هو نشأت مجد النور؟

بدأ اسم "نشأت مجد النور" يظهر عبر مواقع التواصل الاجتماعي منذ أسابيع.

وبدأت صور شخص بزي عربي تقليدي ورسم موشوم علی جبهته، يحمل ما يشبه صولجانا في يده، يسمي نفسه "النبي نشأت مجد النور" تتواتر.

ويدعي نشأت أنه "مرسل من السماوات" ويدعو "إلی النورانية" وكذلك يسمي من يقول إنهم أتباعه بالنورانيين.

تقوم "رسالة" نشأت من بين أشياء كثيرة، علی الدعوة إلی اتباع الحمية النباتية.

بداية ظهر اسم نشأت كـ"معلم يوغا وتأمل" و"حكيم استنارة" "ينشر الحكم الروحانية لمفتاح الاستنارة" وأعلن عن سلسلة حلقات عبر يوتيوب برفقة "عالمة الفلك" اللبنانية المعروفة كارمن شماس.

ثم تحول الأمر من التأمل إلی "ادعاء النبوة" وبدل "معلم حكيم" بات يطلق علی نفسه صفة "نبي".

وكانت المنجمة كارمن شماس أول من أعلن "نبوة" نشأت في مقطع ظهر فيه يجلس بجانبها وهي تهنئ اللبنانيين علی "وجود مرسل من السماء لمساعدة البشر والأرض انطلاقًا من أرض لبنان الحبيب".

ما التهم الموجهة لنشأت منذر؟

منذر ليس أول شخص يدعي النبوة، والفعل في حد ذاته ليس السبب في تتبعه قانونيا.

وقد يفسر هذا ربما سبب "تجاهل" السلطات الدينية والمنفذة للقانون في لبنان بداية ادعاء منذر النبوة.

لكن مع تواتر منشوراته وتصريحاته ودخوله في جدالات عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وتوسع الأمر داخل لبنان وخارجها أصبح لدی السلطات ما يؤسس لتهم "العنصرية والحض علی النزاع، وتحقير الشعائر الدينية"، وهي التهم التي وجهها المشتكون لنشأت منذر.

وقالت الوكالة الوطنية للإعلام، وهي وكالة الأنباء الرسمية في لبنان، إن الشكوی التي قدمها أمين الفتوی بتوجيه من المفتي عبد اللطيف دريان، تطالب النيابة العامة التمييزية بـ"اتخاذ الإجراء القانوني اللازم بحق نشأت منذر وكل من يظهره التحقيق، استنادا لأحكام المادتين 317 و474 من قانون العقوبات".

  • وتنص المادة 317 علی:

"كُل عمل وكل كتابة وكُل خطاب يقصد منه أو ينتج عنه إثارة النعرات المذهبية أو العنصرية أو الحض علی النزاع بين الطوائف ومختلف عناصر الأمة يُعاقب عليه بالحبس من سنة إلی ثلاث سنوات وبالغرامة من مئة ألف إلی ثمانمائة ألف ليرة...".

  • أما المادة 474 فتنص علی:

"مَن أقدم بإحدی الطرق المنصوص عليها في المادة 209 علی تحقير الشعائر الدينية التي تُمارس علانية أو حث علی الازدراء بإحدی تلك الشعائر عُوقب بالحبس من ستة أشهر إلی ثلاث سنوات".

سخرية واستنكار

عبر موقعي فيسبوك وتويتر صفحات عديدة تحمل اسم "النبي نشأت مجد النور" وصفحات "لأتباعه"، ويصعب التمييز بين الجد من السخرية في ما ينشر في هذه الصفحات وفي الردود علی المنشورات فيه.

لكن نشأت لم يكتف بالكتابة لنشر "رسالته"، وإنما تكرر ظهوره في فيديوهات عبر مواقع التواصل، مصحوبا بكارمن شماس في بعض الأحيان ووحيدا في أحيان أخری.

في بداية انتشار اسمه وفيديوهاته عبر مواقع التواصل الاجتماعي، كان نشأت بزيه وعصاه مادة دسمة للسخرية في لبنان وخارجها خاصة في مصر.

وبدوره خصص "النبي نشأت" للمصريين حيزا كبيرا من وقته و"نبوءاته" وهددهم بأن يروا أثر سخريتهم منه في بلادهم وما ستشهد من هزات وغضب.

 

وتحول الأمر إلی جدل يشوبه السب والشتم والعنصرية.

ومن المعلقين علی الأمر من عبر عن تعاطف مع نشأت منذر، معتبرا ما يقوله علامة علی "اضطراب نفسي".

ثم تجاوز الجدل صفحات مواقع التواصل الاجتماعي إلی الصحف وشاشات وسائل الإعلام.

في مصر علق علی ادعاء نشأت النبوة أساتذة بجامعة الأزهر من بينهم مبروك عطية، الذي قال إن "ادعاء النبوة قضية محسومة وإن أغلب من يتابعون ما ينشره مدعي النبوة نشأت هدفهم التسلية وتمضية الوقت".

وقال محمد سالم أبو العاصي، عميد كلية الدراسات العليا السابق بجامعة الأزهر إن "نشأت حر في ادعاء ما يشاء لكن عليه الإتيان بالبرهان وبمعجزته إن كان صادقا".

ومن المعلقين من اتهم نشأت منذر بالجنون والدجل ومنهم من قال إن تكرار مثل هذه الدعوات من علامات الساعة.

كارمن شماس: من التنجيم إلی التبشير

جزء كبير من الجدل الدائر حول نشأت وادعائه النبوة، حازته المنجمة كارمن شماس التي ردت بغضب علی الساخرين منها خاصة من اللبنانيين.

 

"عالمة الفلك" كارمن شماس مسجل علی قناتها عبر يوتيوب مليون شخص ويتابع صفحتها الموثقة علی فيسبوك 116 ألف متابع و127 ألفا علی تويتر ونحو 13 ألف متابع علی إنستغرام.

ويعرفها اللبنانيون والعرب عبر توقعاتها وتنبؤاتها للأبراج منذ نهاية التسعينات وتحقق كتبها السنوية عن الأبراج مبيعات عالية.

ولابد أن كارمن شماس ومنذر نشأت عولا علی كثرة عدد متابعيها والمؤمنين بقدرتها علی التنجيم والمصدقين لنبوءاتها في نشر ما يصفانه بالرسالة السماوية الجديدة.

لكن رهان كارمن شماس، كما يبدو من التفاعل مع ادعاء نبوة نشأت، كان خطأ ولم يسعفها تاريخها في إقناع الناس بقدرتها علی رؤية المستقبل في هذه المحاولة.

بعض المعلقين لم يستغرب ما تفعله كارمن شماس واعتبره نتيجة طبيعية لما مُنحته من شعبية ومن مساحة ومن مصداقية حتی، وهي تقدم تنبؤاتها بمستقبل الأحداث في برامج رأس السنة منذ سنوات طويلة.

 

تعددت الفرضيات حول الأسباب التي تدفع كارمن شماس "للتضحية بسمعتها ومكانتها" بين من يقول إنها تعاني أزمة نفسية ومن يشك في أنها تتعرض للابتزاز ومن يعتقد أنها تفعل ذلك لحصد المال من يوتيوب.

لكن كارمن قالت في ردها علی الساخرين منها إنها تعي ما تقول وإن ذلك ما تراه هي، التي تعتبر رؤياها رؤية العارف.

المصدر: بي بي سي