تحديد الأسباب الجينية الأولی للوفاة المفاجئة غير المبررة لدی الأطفال بعد عمر السنة

توصلت دراسة جديدة، هي الأكبر من نوعها حتی الآن، إلی الأسباب الجينية الأولی للوفاة المفاجئة غير المبررة لدی الأطفال (SUDC).
تحديد الأسباب الجينية الأولی للوفاة المفاجئة غير المبررة لدی الأطفال بعد عمر السنة

ووجدت الدراسة أن التغيرات في جينات معينة قد تساهم كل عام في حدوث ما يقارب 400 حالة وفاة مفاجئة غير مبررة لدی الأطفال (SUDC)، في الولايات المتحدة وحدها، لدی أولئك الذين تتراوح أعمارهم بين عام واحد وما فوق، وبشكل منفصل عن متلازمة موت الرضع المفاجئ (SIDS). والأطفال الذين تقل أعمارهم عن سنة واحدة، والذين يموتون فجأة يتم تشخيصهم بمتلازمة موت الرضع المفاجئ، فيما يقع تشخيص الأطفال الأكبر سنا الذين يموتون فجأة بالوفاة المفاجئة غير المبررة لدی الأطفال. ويقول مؤلفو الدراسة إن الظروف من المحتمل أن يكون لها العديد من العوامل المشتركة. وعلی الرغم من أن متلازمة موت الرضع المفاجئ تسبب 3 أضعاف الوفيات التي تسببها الوفاة المفاجئة غير المبررة لدی الأطفال كل عام، إلا أنها تتلقی أكثر من 20 ضعف تمويل الأبحاث. ونُشرت الدراسة الجديدة في مجلة Proceedings of the National Academy of Sciences، وهي أول دراسة تحدد الاختلافات الجينية الموجودة في مجموعة كبيرة من حالات الوفاة المفاجئة غير المبررة لدی الأطفال (SUDC)، ومعظمها يتعلق بأطفال ماتوا بين عمر السنة و4 سنوات. وبقيادة باحثين من كلية الطب بجامعة نيويورك، حللت الدراسة رموز الحمض النووي لـ 124 مجموعة من الآباء، والأطفال الذين فقدهم كل زوجين بسبب الوفاة مفاجئة غير مبررة لدی الأطفال. ووجدوا أن ما يقارب 9%، أو 11 من أصل 124 طفلا، لديهم تغيرات في شيفرة الحمض النووي في الجينات التي تنظم وظيفة الكالسيوم. والإشارات المستندة إلی الكالسيوم مهمة لخلايا الدماغ ووظيفة عضلة القلب. وعندما تكون هذه الإشارات غير طبيعية، فقد تسبب عدم انتظام ضربات القلب (إيقاعات غير طبيعية للقلب) أو نوبات، وكلاهما يزيد من خطر الموت المفاجئ. كما اكتشف الباحثون أن معظم تغييرات الحمض النووي هذه كانت جديدة. ولم تكن الطفرات وراثية، بل ظهرت بشكل عشوائي في أطفال الآباء الذين لم يكن لديهم هذا التغيير الجيني، كما تقول مؤلفة الدراسة لورا غولد. وبالتالي، إذا حدثت الوفاة المفاجئة غير المبررة لدی الأطفال (SUDC)، في طفل واحد، فمن غير المرجح أن يحدث مرة أخری إذا كان للزوجين نفسهيما طفل آخر. وهذا يوفر بعض الطمأنينة للعائلات التي ترغب في إنجاب طفل آخر. وأوضح كبير مؤلفي الدراسة ريتشارد تسين، رئيس قسم علم الأعصاب وعلم وظائف الأعضاء ومدير معهد العلوم العصبية في جامعة نيويورك لانغون: "دراستنا هي الأكبر من نوعها حتی الآن، وهي الأولی التي تثبت أن هناك أسبابا وراثية محددة للوفاة المفاجئة غير المبررة لدی الأطفال". وأضاف: "جنبا إلی جنب مع توفير الراحة للآباء، فإن النتائج الجديدة حول التغيرات الجينية المتضمنة سوف تتراكم مع مرور الوقت، وتكشف عن الآليات المسؤولة، وتكون بمثابة أساس لمقاربات علاجية جديدة". ويشرح مؤلف الدراسة الدكتور ديفنسكي، مدير مركز الصرع في جامعة نيويورك لانغون: "ركزنا علی 137 جينة مرتبطة بالدراسات السابقة لاضطراب نظم القلب والصرع والحالات ذات الصلة، لأن النوبات والموت القلبي المفاجئ من المعروف أنها أكثر انتشارا في الوفاة المفاجئة غير المبررة لدی الأطفال (SUDC). ومن بين الأطفال الذين ماتوا، وجدنا تواترا أكبر بعشرة أضعاف للتغيرات الجينية في هذه الجينات مقارنة بعامة السكان". وفي تفسير جزئي لهذه الاتجاهات، وجد التحليل الإحصائي للدراسة أن التغيرات الجينية الموجودة في الأطفال الذين ماتوا جرّاء الوفاة المفاجئة غير المبررة، حدثت في مجموعات ذات وظائف مماثلة، ومعظمها يتحكم في قنوات الكالسيوم في خلايا عضلات القلب وفي القلب أيضا. وبعد تلقي الإشارة الصحيحة، تفتح الخلية القنوات، ما يمكّن أيونات الكالسيوم من الاندفاع عبر الأغشية لتوليد تيار كهربائي. في الخلايا العصبية، ويطلق هذا التيار إشارات علی طول المسارات العصبية، وفي خلايا عضلة القلب، تتقلص مع دقات القلب. ومن المعروف أن الطفرات الموجودة في الدراسة الحالية تعمل علی إبطاء تعطيل قناة الكالسيوم، وإطالة التيار الذي يمر من خلالها، ومن المحتمل أن تؤدي إلی إيقاعات غير طبيعية في القلب يمكن أن تتسبب في توقف القلب، كما يقول مؤلفو الدراسة. وكان الجينان اللذان لديهما طفرات "دي نوفو" (de novo /الجديدة) في معالجة الكالسيوم في أكثر من طفل في الدراسة هما RYR2 وCACNA1C، وكلاهما معروف أنهما مرتبطان بعدم انتظام ضربات القلب. وتم ربط جينات أخری تحورت في مجموعة الوفاة المفاجئة غير المبررة لدی الأطفال بالنوبات. وبالإضافة إلی ذلك، مات أكثر من 91% من الأطفال أثناء النوم أو الراحة، بما في ذلك 50% ممن لديهم طفرات "دي نوفو" التي تؤثر علی الجينات المرتبطة بفسيولوجيا الكالسيوم في القلب والدماغ، CACNA1C وRYR2 وCALM1 وTNNI3. وللمضي قدما، يخطط الفريق لدراسات أكبر للنظر في دور الحالة العصبية الرئوية (النوم مقابل الاستيقاظ، الراحة مقابل التمرين)، وتحديد المزيد من الطفرات التي قد تكون ضارة في حالات الوفاة المفاجئة غير المبررة لدی الأطفال، وتحديد ما إذا كانت عيوب قناة الكالسيوم تسبب مشاكل أكثر خطورة في خلايا المخ أو عضلة القلب.

المصدر: ساينس ديلي