113 شخص من قيادي النهضة التونسية يقدمون استقالتهم

في شقاق جديد يصيب حركة النهضة في تونس، تقدم 113 من أعضاء الحزب باستقالاتهم بشكل جماعي، حسبما أفادت مصادر "سكاي نيوز عربية"، السبت.
113 شخص من قيادي النهضة التونسية يقدمون استقالتهم

 

وكان من بين موقعي بيان الاستقالة، قيادات من الصف الأول علی غرار عبد اللطيف المكي وسمير ديلو ومحمد بن سالم، وعدد من أعضاء مجلس النواب المعلق مثل جميلة الكسيكسي والتومي الحمروني ورباب اللطيف ونسيبة بن علي.

كما شمل البيان عددا من أعضاء المجلس الوطني التأسيسي مثل آمال عزوز، وبعض أعضاء مجلس الشوری الوطني ومجالس الشوری الجهوية والمكاتب الجهوية والمحلية.

وكان السبب في الاستقالة وفق المصادر، "الاعتراف بالفشل في إصلاح الحزب من الداخل، والإقرار بتحمل القيادة الحالية المسؤولية عما وصلت إليه الحركة من عزلة".

ومن بين الأسباب أيضا، تحمل النهضة "قدرا مهما من المسؤولية عما آلت إليه الأوضاع في تونس من ترد بشكل عام"، مما استدعی تدخل الرئيس قيس سعيّد قبل أسابيع بقرارات وإجراءات استثنائية.

وقرر سعيّد أواخر شهر يوليو الماضي، إقالة حكومة هشام المشيشي، وتعطيل عمل البرلمان الذي كان تحت سيطرة النهضة، ويترأسه راشد الغنوشي زعيم الحركة، فضلا عن بدء عملية تطهير ومحاسبة شاملة.

ويحمّل قطاع كبير من قيادات النهضة، الغنوشي المسؤولية كاملة عن الفشل السياسي الذي لحق بالحركة علی مدار السنوات الماضية، ووصل بها إلی حالة غير مسبوقة من الرفض الشعبي والغضب الذي دفع الرئيس قيس سعيد للإعلان عن الإجراءات التصحيحة في ٢٥ يوليو الماضي، بتجميد عمل البرلمان ورفع الحصانة عن أعضاءه، وإعفاء عدد من المسؤولين من مناصبهم، فضلاً عن بدء عملية تطهير ومحاسبة شاملة لكافة الأطراف.

ومرارا أكد قيادات النهضة أن سياسة الغنوشي التي اتسمت بقدر كبير من الدكتاتورية والتفرد باتخاذ القرار، تسببت في تصعيد حالة الاستقطاب السياسي إلی حد غير مسبوق في البلاد، مطالبين إياه بالاستقالة للحفاظ علی ما تبقی من هيكل الحركة، والإعلان عن عقد المؤتمر العام في أقرب وقت لاختيار قيادات جديدة شابة قادرة علی فتح خطوط للتواصل مع الشارع التونسي والقوی السياسية، وكذلك مؤسسات الدولة.

ووفق المصادر، تعد إقالة الغنوشي مسألة وقت ليس أكثر، مؤكدين أن "تحركات بدأت داخل الحركة لعزله منذ الأسبوع الماضي"، حيث تسعی قيادات لجمع توقيعات من أكبر عدد من الأعضاء لإجباره علی التخلي عن منصبه والإعلان عن عقد المؤتمر العام للحركة خلال أسبوعين علی الأكثر.

ويری مراقبون أن حدة الخلافات والانقسامات داخل حركة النهضة قد تدفع الغنوشي لتقديم استقالته، وإفساح المجال أمام جيل جديد لقيادة الحركة.

ويفسر المراقبون الصراعات بين الحركة بأنها "جبلية"، مشيرين في الوقت ذاته إلی أن الأزمة الكبری التي تواجهها النهضة الرفض الشعبي الذي تجلی في رفض دعوة الغنوشي للتظاهر يوم 26  يوليو الماضي، عندما ظل لساعات واقفا أمام البرلمان المغلق في وجهه مع عشرات فقط من أنصاره.

والشهر الماضي أشعل الغنوشي الصراع الداخلي بقرار إعفاء كل أعضاء المكتب التنفيذي، و"إعادة تشكيله بما يستجيب لمقتضيات المرحلة ويحقق النجاعة المطلوبة"، حسب بلاغ أصدرته النهضة، كما قرر تجميد عضوية عماد الحمامي وإحالته للتحقيق.

ويقول المحلل السياسي التونسي نزار الجليدي، إن الصراع الذي تشهده حركة النهضة في الوقت الحالي ليس جديدا، لكنه خرج إلی العلن بالتزامن مع التطورات السياسية التي تشهدها البلاد، وهزيمة الحركة وتراجع شعبيتها في الشارع.

وفي حديث مع موقع "سكاي نيوز عربية"، أكد الجليدي أن الأحداث قد جددت الخلاف القائم بالفعل منذ عدة شهور بين إخوان الداخل والخارج، مشيرا إلی أن "عناصر التنظيم الدولي يدعمون الغنوشي لأنه واحد من الحوافز المالية للتنظيم، لكن عناصر حركة النهضة يرفضون تماما استمراره في رئاستها".

لكن الجليدي أوضح أن "تخلي الغنوشي عن رئاسة الحركة لن يكون أمرا سهلا، لعدة أسباب أهمها أنه يملك التمويلات ويسيطر عليها بشكل شبه كامل، ثم أنه يتعامل بدكتاتورية شديدة ويستند إلی قوی خارجية تدعمه لتنفيذ أجندتها في الداخل التونسي".

ويرجح الجليدي أن تنقسم النهضة إلی حزبين بنفس المرجعية الإسلامية، بحيث يبقی الغنوشي رئيسا لأحدهما، ويتم تشكيل الآخر من قيادات الحركة الذين أعلنوا استقالتهم خلال الفترة الماضية، و"ستكون محاولة لاحتواء الشارع التونسي وكسب أرضية سياسية جديدة".

وأوضح أن قيادات الداخل عبروا عن غضبهم تجاه الغنوشي، عندما طالبه أكثر من 100 قيادي من بينهم برلمانيون بتقديم استقالته قبل 4 أشهر، فيما عرف آنذاك باسم "بيان المائة"، ثم تبرأ لطفي زيتون، وهو أحد أبرز القيادات داخل الحركة، من نشاطها.

المصدر: سكاي نيوز