مجلة بريطانية: الإمارات نموذج صريح لقمع الصحافة والحريات في ظل نظام مستبد

وصفت مجلة ذي إيكونوميست البريطانية واسعة الانتشار، دولة الإمارات بأنها نموذج صريح لقمع الصحافة والحريات في ظل طبيعة نظامها الحاكم المستبد.
مجلة بريطانية: الإمارات نموذج صريح لقمع الصحافة والحريات في ظل نظام مستبد

وأبرزت المجلة في تقرير لها عن الحريات الصحفية، أن كل ما تطلبه الأمر هو تقرير يقارن ارتفاع الأسعار في الإمارات بالبنزين الأرخص المتوفر في عمان المجاورة، لتقوم السلطات علی الفور إزالة المقال في صحيفة الرؤية من موقع الصحيفة علی الإنترنت.

وأشارت المجلة إلی أن السلطات الإماراتية أصدرت قرارا بإقالة رئيس التحرير وعشرات الصحفيين من الصحيفة، وفي غضون أسابيع تم إغلاقها.

أوضح أحد المسؤولين في حكومة الإمارات "إذا كنت تعمل في مؤسسة حكومية ، فعليك اتباع خط المؤسسة". في جميع أنحاء العالم العربي، أصبح من الصحيح بشكل متزايد أن الأخبار الوحيدة المسموح بها هي الأخبار الجيدة.

وبحسب المجلة قام الطغاة الذين اجتاحوا الربيع العربي عام 2011 بمداهنة وترهيب آخر الصحافة العربية المستقلة، مما جعل الصحفيين مجرد أبواق. تم إسكات آخر الضوابط المفروضة علی قوتهم غير المقيدة.

تشتري الأنظمة المستبدة ومنها الإمارات وكالات الإعلان بحيث يمكن علی الفور حرمان الصحف الضالة من الإيرادات. مع نضوب الأموال، اختطفت الحكومات أو أصدقاؤها منافذ البيع المستقلة.

وقد أصدرت بعض الأنظمة قوانين تحظر الأخبار التي تعتبر مزعجة للاستقرار الاجتماعي. يتم تعقب الصحفيين ببرامج تجسس مثل Pegasus ، وهو نظام "إسرائيلي" الصنع يسمح لعملاء الحكومة باختراق اتصالاتهم. والمزيد من الصحفيين، كملاذ أخير، يتم ببساطة حبسهم.

ويخشی الصحفيون المستقلون في العالم العربي أحيانًا علی حياتهم. أدی مقتل الصحفي السعودي البارز جمال خاشقجي وتقطيع أوصاله إلی إخافة العديد من أقرانه وإجبارهم علی الصمت، بحسب تقديرات لجنة حماية الصحفيين، وهي هيئة رقابية.

لطالما مولت الأنظمة العربية الغنية وسائل الإعلام مقابل تغطية تملقها. لكن سقوط مثل هؤلاء الطغاة واضطراب الآخرين في المنطقة ترك دول مثل الإمارات تهيمن علی السوق العربية.

ومؤخرا طالبت منظمة سكاي لاين الدولية لحقوق الإنسان، السلطات الإماراتية لإنهاء سياسة الترهيب ضد الصحفيين ورفع قبضتها عن الحريات وعمل وسائل الإعلام.

واعتبرت المنظمة في بيان لها تلقت "إمارات ليكس" نسخة منه، إغلاق سلطات الإمارات صحيفة "الرؤية" المحلية واستجواب صحفيين وتسريح آخرين من العمل دليلًا جديدًا النهج غير الديمقراطي في التعامل مع العمل الصحفي في البلاد.

وقالت إنها تابعت بأسف شديد ما كشفت عنه وكالة "أسوشييتد برس"، قبل يومين عن الأسباب التي دفعت السلطات لإغلاق النسخة الورقية من صحيفة الرؤية في الإمارات، وما سبقه من استجواب عدة محررين ورئيس التحرير، ثم بعد أسابيع فصل العشرات من الموظفين والإعلان عن حلّ الصحيفة.

ووفق ما كشفته الوكالة الدولية، فإنه بخلاف ما أعلنته شركة إنترناشونال ميديا إنفستمنتس ( آي إم آي) التي تتولی نشر الصحيفة، ومقرها أبوظبي، بأن إغلاق "الرؤية" نابع من تحولها إلی منفذ أعمال جديد باللغة العربية لقناة سي أن أن، فإن السبب الحقيقي يرجع إلی تقرير حول ارتفاع أسعار الوقود في الإمارات.

ونشر التقرير، سبب الأزمة عندما كان ارتفاع الأسعار الحديث الدارج، بعدما رفعت الإمارات دعم الوقود تدريجياً، وشعر المواطنون بضغوط معيشية، بعدما أدی الغزو الروسي لأوكرانيا إلی ارتفاع أسعار النفط.

وتضمن التقرير مقابلات مع مواطنين إماراتيين، قال عدد قليل منهم من المقيمين قرب الحدود مع عمان، حيث أسعار الوقود نصف أسعاره في الإمارات بسبب الإعانات الحكومية، بأنهم عبروا إلی عمان لملء سياراتهم، فيما قال آخرين "بأنهم رّكبوا خزانات وقود إضافية في سياراتهم".

ولقی التقرير انتشارًا واسعًا علی وسائل التواصل الاجتماعي في 2 يونيو/حزيران، وخاصة الجزء الخاص بعمليات ملء الوقود عبر الحدود. وبعد ساعات، حُذف التقرير من الموقع الإلكتروني، ولم يظهر في النسخة المطبوعة علی الإطلاق.

ووفق المعطيات الحديثة؛ فقد تم استدعاء صحفيون علی صلة بالتقرير، وأُوقفوا عن العمل، واسُتجوبوا من جانب ممثلي الإدارة ومن محام بشأن التقرير والصحافيين المشاركين في تحريره ونشره.

وبعد أسبوع من النشر، مُنح الصحافيون خياراً: إما الاستقالة مع منحهم مزايا، أو إنهاء الخدمة ومواجهة أي تبعات محتملة. وتم التعهد لمن وقعوا علی استقالة بعدم الكشف عن أي سبب لفصلهم، وفق ما ورد في نسخة إحدی الرسائل التي اطلعت عليها "أسوشييتد برس".

ولاحقًا أُعلن عن حل الصحيفة، والانطلاق الوشيك لمنفذ ناطق بالعربية مع شبكة سي أن أن، خاص بالاقتصاد.

ونتيجة ما حدث فقد ما لا يقل عن 35 موظفاً وظائفهم في يوم واحد، وسُرح عشرات غيرهم ومُنحوا مكافأة نهاية خدمة، ولم ترد "آي إم آي" علی الأسئلة المتكررة حول عدد الأشخاص الذين أقيلوا، في حين تؤكد الملفات الشخصية علی موقع لينكد إن للتوظيف أن نحو 90 شخصاً كانوا يعملون في "الرؤية" باتوا عاطلين عن العمل، وبقي عدد محدود من الموظفين يعملون في الموقع الإلكتروني.

ورأت سكاي لاين الدولية أن هذا التطور يعكس النهج القم