عندما يتحول البعض لبيادق علی رقعة شطرنج المصالح الأمريكية

حاول الرئيس الأميركي جو بايدن، في مقال مطول نشرته صحيفة واشنطن بوست، إقناع منتقديه، ولكن دون جدوی، بإنقلابه الكامل علی شعارات حملته الانتخابية التي قادته الی البيت الابيض، وفي مقدمتها "الدفاع عن الديمقراطية" وجعل السعودية منبوذة لقتلها الصحفي جمال خاشقجي بطريقة بشعة.
عندما يتحول البعض لبيادق علی رقعة شطرنج المصالح الأمريكية

قراءة سريعة لأهم ما جاء في المقال، الذي كتبه بايدن قبل زيارته الی المنطقة، تكفي لتأكيد النفاق الصارخ، وعن النظرة الاستعلائية، الي تتصف بها السياسة الامريكية بشكل عام، وسياسة الادارة الامريكية الحالية بشكل خاص.

حاول بايدن ان يبرر زيارته للسعودية بالقول: انه سيسعی من خلالها لشراكة استراتيجية مع الرياض مبنية علی مصالح ومسؤوليات متبادلة، وخاصة النفط، معتبرا ان سفره ضرورة للحافظ علی بلده قويا وامنا، وذلك بمواجهة روسيا والصين.

واضاف بايدن:"من أجل تحقيق هذه الأمور، يجب أن تكون لدينا علاقة مباشرة مع الدول التي يُمكن أن تُساهم فيها. المملكة العربيّة السعوديّة واحدة من هذه الدول".

اللافت ان هذا التبرير هو ذات التبرير الذي استخدمه الرئيس الامريكي السابق دونالد ترامب، عندما تجاهل تقرير الاستخبارات الامريكية الذي اتهم ولي العهد السعودي محمد بن سلمان بالوقوف وراء قتل الصحفي جمال خاشقجي، بذريعة المصالح الامريكية والحفاظ علی امن "اسرائيل"، وهو موقف لطالما إنتقده بايدن.

الی جانب هذا النفاق الامريكي المقزز، كان مقال بايدن طافحا بالاستعلائية والتعامل بفوقية مع الاخرين، الذين لا تتردد امريكا عن استخدامهم كأدوات لتحقيق مصالحها، وفي مقدمة هذه المصالح "الحفاظ علی امريكا قوية وامنة ، وكذلك الحافظ علی امن "اسرائيل".

يقول بايدن انه "يسعی لشراكة استراتيجية مع الرياض مبنية علی مصالح ومسؤوليات متبادلة، وخاصة النفط، من اجل الحافظ علی امريكا قوية وامنة لمواجهة روسيا والصين"!. ولكن اين مصلحة السعودية في هذه المواجهة مع روسيا والصين؟، ان السعودية تربطها علاقات وثيقة مع الصين وروسيا، فلماذا تحشرها امريكا حشرا في مواجهتها مع روسيا والصين؟، ألا يؤكد هذا النظرة الاستعلائية لامريكا التي تتجاهل مصالح، بل سيادة الدول التي تعتبرهم حلفاء لها، من اجل مصالحها غير المشروعة؟.

وانطلاقا من ذات النظرة الاستعلائية، وتقديم مصلحة "اسرائيل" علی مصالح المنطقة ودولها وشعوبها، اكد بايدن ان "سفره مباشرة من تل ابيب الی جدة بالسعودية، سيكون رمزا لتعميق عملية التطبيع بين الدول العربية واسرائيل لتحقيق الاستقرار في المنطقة، التي مازالت تشهد تحديات منها قضية البرنامج النووي الايراني". لا يحتاج المرء لمعرفة واسعة بالسياسة الامريكية ليعرف ان "الاستقرار" الذي تقصده امريكا عندما تتحدث عن منطقة الشرق الاوسط، هو استقرار "اسرائيل" حصرا، وهو استقرار قائم علی التضحية باستقرار حتی حلفاء امريكا التقليديين وفي مقدمتهم السعودية، ناهيك عن مصالح الشعب الفلسطيني، وذلك من خلال ربط امن "اسرائيل" بامن دول المنطقة، عبر تأسيس "ناتو عربي"، او ربط منظومة الدفاع الجوي لدولها مع "اسرائيل"، عبر إصطناع عدو وهمي لها هو ايران وبرنامجها النووي السلمي، كما أصطنعت عدوا وهميا لها هي روسيا والصين.

اخيرا، علی دول المنطقة وفي مقدمتها السعودية، الا تقف مكتوفة الايدي، بينما تحولها امريكا الی بيادق علی رقعة مصالحها ومصالح "اسرائيل" ، تحركها أنی شاءت، دون اي احترام لسيادتها ومصالحها، وان يكون لها رأي مسموع، تميز من خلالها مصالحها عن مصالح كيان غاصب يحتل ارض العرب والمسلمين وينكل بالشعب الفلسطيني ويعتدي علی جيرانه، كالكيان الاسرائيلي.